"الأب" هو ذلك الرجل الذي لا يتكرر أبدًا في الحياة ولا يعوض غيابه أحدًا، السند الذي يتكأ عليه أبنائه، هو الأمان من غدر الدنيا وصعوبات الحياة، لا يبخل بقطرة عرق يبذلها من أجل راحة أبنائه وسعادتهم حتى وإن كان ذلك على حساب نفسه وصحته.
ولا يعرف قيمة الأب إلا من فقده، فما أقسى أن تعيش وحيدًا في الدنيا بدون السند والأمان، رحيل الأب كسرٌ لا يشعر به إلا من عاناه، فيفقد الإنسان بعد رحيل والده طعم الحياة ويبدأ مواجهة مواقف الدنيا الصعبة وحده، ويتمنى يومًا لو عاد أبوه ليكون بجانبه في حياة لا تحمل سوى المشقة والتعب.
وفي قصتنا اليوم نحكى عن فتاة في منتصف العشرينات من عمرها رحل والدها وتركها وحيدة هي ووالدتها المسنة، تركهما يعانيان في حياة صعبة بدون أخ أو قريب أو سند يعاونهما للتغلب على متاعب الحياة، وترك لهن معاش بسيط لا يكفي لتوفير حياة كريمة لهن، مما دفعها للبحث عن عمل مناسب يساعدها على توفير احتياجاتها ووالدتها.
حصلت الفتاة على عمل في إحدى محلات الملابس الكبرى خاصة وأنها حاصلة على دبلوم تجارة وهذا أنسب عمل يمكنها أن تحصل عليه، كانت الفتاة تعمل قرابة الـ10 ساعات يوميًا من العمل الشاق للحصول على راتب يساعدها ووالدتها على الحياة، وكانت تعود لمنزلها متعبة وحزينة على الحياة الصعبة التي تواجهها بعدما فقدت والدها ولكنها كانت لا تظهر ذلك حتى لا تحزن والدتها المريضة.
استمرت الفتاة تكافح في الحياة وحدها دون سند لتوفير احتياجات أسرتها وعلاج والدتها دون شكوى، ولمن ستشكو المسكينة وهي وحيدة في دنيا أصبحت موحشة بعد رحيل والدها، ولكنها كانت أحيانًا ومثل أي إنسان لا تستطيع تحمل كل هذه المتاعب فكانت تذهب لغرفة والدها وتجلس وتبكي كثيرًا حتى تهدأ نفسها ثم تعود مجددًا للانخراط في دوامة الحياة.
بعد شهور من العمل الشاق في محل الملابس تسبب خطأ منها مع أحد الزبائن في فصلها من العمل وعادت لمنزلها تبكي طوال الطريق وتفكر فيما ينتظرها من مسئوليات كبيرة لن تقوى على مواجهتها بعدما فقدت مصدر الدخل الوحيد لها بجانب معاش والدتها، ولكنها اضطرت لرسم الابتسامة على وجهها خوفًا على والدتها المريضة واختلقت لها سببًا وهميًا لعودتها المبكرة من العمل.
في اليوم التالي وبعدما أصبحت الدنيا سوداء أمام أعينها بعدما فقدت عملها ومصدر دخل الأسرة، قررت الذهاب إلى المقابر لزيارة قبر والدها والحديث معه والشكوى له من متاعب الحياة وصعوباتها التي أنهكت قواها، لعل تجد عنده الحل للأزمة المالية التي تواجهها وحدها.
عندما وصلت الفتاة إلى المقابر وجدت مفاجأة غير متوقعة عند قبر والدها، حيث يقف شاب يبدو عليه علامات الثراء وتنتظره سيارة فارهة بالقرب من باب المدافن، يقف أمام قبر أسرتها يقرأ "الفاتحة" اندهشت كثيرًا لأنها لم تعرف هذا الشخص وليس من أفراد أسرتها التي كان يحكى لها عنهم والدها.
الفتاة اقتربت من القبر وانتظرت حتى انتهى الشاب من قراءة الفاتحة، وسألته "من أنت؟"، وكانت إجابته صادمة لها بعدما أخبرها باسمه، حيث اكتشفت أنه ابن عمها الذي سافر ووالده منذ سنوات بعيدة لإحدى الدول العربية وانقطعت أخبارهم تمامًا، وعرفته بنفسها وعلمت منه أن والده أيضًا توفى منذ أسابيع وتم دفنه في نفس المقبرة، وحكت له عن ظروفها الصعبة وأكد لها أنه لن يتركها ووالدتها أبدًا وسوف يساعدهم، وهنا تهلل وجه الفتاة وطارت من الفرحة بعدما وجدت السند مرة أخرى.
Content created and supplied by: alaa_taha20 (via Opera News )
تعليقات
alaa_taha20
02-17 17:19:47ببببببببببب
alaa_taha20
02-17 17:20:01ابابا
alaa_taha20
02-17 17:19:53نبنب