الفراق ما أصعب تلك اللحظات التي يفقد فيها الأنسان شخص عزيز عليه, فعندها يعلم جيدا ما هو معني والم الفراق, نحن ضعفاء وذو مشاعر فياضة ولكن الكبر والقسوة هما ما معناه تلك المشاعر من الظهور في المواقف العادية, فتجد الأب لا يحضن أبه ولا يقبل أبنته وكل هذا لأنه كبره يمنعه عن ذلك ويظن أن أولاده يعلمون جيدا مقدار حبه من دون تعبير, ولكنهم لا يتذكرون في الحقيقة متي كان الحضن الأخير أو القبلة الأخيرة؟, ولكن كل هذا يظهر حفظنا الله وأياكم عند فقدان أحدا منهم وتظهر في موقف ضعف لا تحسد عليه ولكنه في الحقيقة ليس ضعف ولكنه عز القوة أن يستطيع الرجل أن يعبر عن مشاعرة من دون حواجز.
أبطال قصتنا هما كريم وجدته الست حسناء, مات والدي كريم وهو في سن الثالثة لقد فارقا الحياة في حادث سيارة, ومنذ تلك اللحظة وجدته الست حسناء تهتم به كأنه ولدها كانت تقوم بكل شيء لتسعده وتعمل على راحته, كبر الصبي يوما بعد يوما هو يصبح فيه قوي جدته تتحول من القوة إلي الضعف هذا قانون الحياة.
حتي أصبح كريم رجلا أو بمعني أصح مراهقا ولكن ذو جسد قوي وصوت غليظ, كان يفعل كل ما يشتهيه فهو أمن العقاب ويعلم جيدا أنه ليس هناك أحد يقوم بمعاقبته ومحاسبته على ما يفعله, عانت جدته المرض والألم ولكنه كان قاسي القلب ومتعجرف في كلامته, لم يجلس بجانبها يوم أثناء مرضها ولم يتذكر ماذا فعلت من أجله, كل ما كان يهمه هو أن يخرج مع صحبه السوء ويسهر حتي الصباح ثم يعود للبيت وجدته تبقي طوال الليل مستيقظة حتي حين عودته.
هكذا مرت حياة الصبي وحاولت الجدة أكثر من مرة أن ترجعه عن هذا الطريق المضل وأن يصلي ويتوب لله عز وجل, ولكنه كان يأبي كل هذا كبر واستكبار, تمر الأيام والليالي وذات ليلة والجدة تدخل على كريم لتيقظه حتي يفطر لقد تجاوزت الساعة الثالثة عصرا, وعندما دخلت عليه الغرفة لتيقظه وإذا بها لا تجد رد منه لقد قبض قلبها على الفور وشعرت ان روحها تفارق جسدها, فذهبت إلي الطبيب على الفور ليحضر ليرى كريم.
وأخبرها الطبيب بالصدمة فأخبرها أنه قد فارق الحياة, فبكت الجدة وكان حزنها حزنان لقد كانت حزينة على فراق فلذه كبدها وحزنها الثاني أنه مات من دون أن يتوب إلي الله ويرجع إلي الطريق المستقيم, فقامت بكل شيء بخصوص الغسل والدفن وخلافه, وفي اثناء ذلك لم يجف لسانها من الدعاء لكريم لعل الله يغفر له ويرحمه, سارت وراء النعش حتي وصل إلي المقابر, وبعدما غادر الجميع ظلت أمام القبر تدعو لحفيدها وتدعو الله حتي يغفر له.
فأصبحت على هذا الحال ساعات طويلة حتي كاد لسانه يتحجر من كثرة الدعاء فأصابها التعب ونامت بجانب القبر, وجاء إليها حفيدها في المنام وهو يقول ويحنن عليها" لا تبكي يا جدتي, فأن الله أكرم الأكرمين, ولقد قبل الله دعائك", فلم تصدق الجدة ما يحدث معها ولكن قلبها قد ساده السرور والهناء, فستيقظت من النوم فرحة ثم أستودعت كريم وغادرت, لم تعلم الجدة أن كريم في أخر أيامه قد عاد وتاب إلي الله ولم يكن يضيع فرض من الفروض ولكن كبره قد منعه من أن يخبر جدته بهذا الأمر, وهنا كانت نهاية قصتنا, ولهذا علينا أن نعلم أن طريق التوبة مفتوح طوال الوقت " فلا تيأسوا من رحمة الله".
Content created and supplied by: واقع (via Opera News )
تعليقات