لا تتسرع في الحكم علي الآخرين ، فأحياناً تكون تصرفات من يحبونك غير منطقية وغير مفهومة بالنسبة لك، ولكن في الحقيقة هم أكثر الناس لطفاً بك وحباً لك، ويخافون عليك، ويكونون حذرين في التحدث بشأن ما يحزنك، وهو أنفسهم أيضاً، من يبذلون كل جهدهم في سبيل سعادتك، إلى جانب انهم يخفون عنك كل ما يحزنك وهذا ما حدث مع بطلة قصتنا اليوم غدير جمال، تبلغ من العمر ٢٤ عاماً خريجة كلية تجارة، فتاة تتمتع بأخلاق عالية وسمعة طيبة، ومعروفة بالكرم والطيبة، وحسن الخلق ، ويشكر جميع منطقتها في أخلاقها.
تقدم خالد محمد، لطلب يديها من والداها، وهو شاب يبلغ من العمر ٢٧ عاماً، شكر الجميع في أخلاقه، فلذلك تزوجت غدير من جمال، وقبل الزواج جاءت والدة خالد وقالت لها أوصيك بولدي جمال، وحافظي عليه، فهو نجلي الوحيد، وأكدت لها انه اذا مرض جمال، ولا تخبريه بشئ فهو يخاف بشدة من المرض ووعدتها غدير أن تحافظ عليه، ، وشاء القدر أن تتوفي والدة خالد لذلك حافظت غدير على وعدها، وصارت تهتم بزوجها خالد ، وتقوم على رعايته وفي أحد الايام، شعر خالد بتعب شديد، وعندما ذهبوا للطبيب أخبر الطبيب غدير أن زوجها خالد يعاني السكر، والقلب، وينبغي عليه أن يتناول الطعام بدون ملح، وبدون توابل ونكهات.
حزنت غدير بشدة على زوجها، وسرعان ما تذكرت كلام والدة زوجها، وأنه يخاف بشدة من المرض، فلذلك اخفت عليه أمر مرضه، وأخبرته أن الطبيب اوصاها بأن يأخذ قسطا كافياً من الراحة ، فلذلك في اليوم التالي قدمت له الفطار بدون أي توابل ولا ملح، فانزعج خالد بشدة، منهما لكن غدير أكدت له، أنها أخطأت في إعداد الوصفة، وهكذا كانت غدير في كل وجبه تقدم الأعذار الواهية إلى زوجها خالد ، وفي أحد الايام انفعل خالد بشدة، وقال لها"إن طعامها سئ المذاق وأنه يحتاج إلي المزيد من الملح والنكهات"، كانت غدير تحزن بداخلها من كلام زوجها جمال، فهي ذات مهارة عالية في إعداد الطعام، لكنها تخشي عليه من الذعر اذا علم بمرضه، فلذلك تتحمل كلامه الجارح في سبيل أن تحافظ عليه.
وفي أحد الايام كان خالد يتناول طعامه، وكالعادة كان الطعام خالي من الملح والتوابل والنكهات، فاستشاط غضباً وقال لها "طعامك سئ" ، وسوف اتزوج زوجة أخرى تعد لي الطعام الجيد، بدلاً من طعامك السئ، حاولت الزوجة الطيبة غدير أن تراضيه كثيراً، وأن تقنعه أن الطعام لذيذ، وأنه سيعتاد عليه مع الوقت، وحاولت شرح له مدي تعبها ومحاولاتها المستمرة لنيل رضاه وتحضير له ما يحب، حتى تنزع من عقله فكرة الزواج.
إلا أنه كان دائماً لا يستجيب ويستمر في تعنيفها بأصعب وأسوء الألفاظ، والعبارات القاسية، فما كان من غدير إلا أن اخذت تدعوا الله أن يهدي زوجها خالد ، وفي صباح اليوم التالي جاء خالد وقال لزوجته غدير، لقد تم خطبتي على بنت احد أصدقائي، وسيتم الزفاف بعد اسبوع، قال خالد ذلك لتهديدها، وليس كلام حقيقي فهو يحبها بشدة.
وحتى تكتمل خطه، أحضر خالد فستان زفاف، وقال لزوجته غدير " اليوم هو يوم زفافي"، ابتسمت غدير بمرارة، فاكمل جمال كلامه وقال لها "سوف احصل على دش، وبعدها سأخذ الفستان، واذهب، فلذلك أسرعت غدير وكتبت رسالة في ورقة صغيرة، ووضعتها داخل الفستان، وخرجت مسرعة من الغرفة قبل أن يشاهدها خالد، وبعد أن استعد خالد للذهاب حتى يرجع الفستان إلى أصحابه، فوقعت الورقة، فالتقطها خالد وفتحها فوجد بداخلها رسالة "أختي الكريمة .. أردت فقط أن أخبرك أن سبب هذا الزواج هو أن طعامي لا يعجب زوجي لأنه خالي من الملح والمنكهات فقط، فزوجي الحبيب خالد مريض بمرض خطير، ووالدته رحمة الله عليها أخبرتني أنه يخاف من المرض ويذعر من مجرد سماعه ، وأوصتني إذ مرض، أن اخفي عنه الأمر فقررت أن أخفي عليه مرضه، حتي لا يصاب بالألم والخوف لأنه عصبي وأخاف عليه أن يسبب الضرر لنفسه، وأرجو منك ألا تضعي الملح أو المنكهات أثناء طبخك للطعام لأنها تضره بشكل كبير جداً ولا تتناسب مع مرضه كما أوصي الأطباء ".
حينها علم خالد طبيعة مرضه وعلم أن زوجته كانت تتحمل كلامه الجارح في سبيل الحفاظ عليه، وشعر بالخطأ الفادح الذي ارتكبه بشدة وعلم كم أن زوجته تصبر على معاملته، ولذلك ذهب إليها يطلب منها، واعتذر منها بشدة، وقال لها" أنت حقاً نعم الزوجة، احبك بشدة" وطلب أن تسامحه وبالفعل سامحته وعاشوا في سعادة، وذهبوا إلى النزه، وهناك اعتذر خالد لزوجته غدير أمام الجميع، ونصح الأزواج بأن يحافظوا على زوجاتهم، واخبرهم بما حدث معه، وطلب منه عدم الظن السئ في زوجاتهم، فإنهم يفعلن الكثير لأجله، وصفق له الجميع تحية لكلامه الجميل، الفائدة من القصة : لا تتسرع في الحكم على الآخرين حتى لا تشعر بالذنب طيلة حياتك بل حاول أولاً معرفة لماذا يتصرفون هكذا ثم بعد ذلك أصدر الحكم.
Content created and supplied by: سميةخالد (via Opera News )
تعليقات