بدأت الحكايه عندما توفى والدى وأنا فى عمر العشر سنوات ، وبعد وفاته تكفلت امى برعايتنا انا واختى الصغيره ، ولكن كانت ظروفنا الماديه قاسيه للغايه ، وأصبحت الحياه اصعب بعد رحيل والدى ، مما دفع والدتى للعمل لكى تستطيع الانفاق علينا ، ولكن بالرغم من الحياه القاسيه التى كانت تواجهها والدتى ، ولكنها كان لديها إصرار كبير فى أن استكمل دراستى انا واختى .
ومرت الايام على هذا الحال حتى انتهت الثانويه العامه ، وصممت والدتى على أن أدخل الجامعه ، ولكن يبدو أن القدر لم يمهلها كثيرا ، لكى ترى ابنها الكبير فى الجامعه ، فقد تعرضت لأزمه صحيه كبيره ، وعندما ذهبنا الى المستشفى ، اخبرنى الأطباء أن المرض سيطر على جسدها منذ فتره كبيره ، والغريب فى الأمر أن والدتى كانت تعلم حقيقه مرضها منذ فتره ، ولكنها لم تظهر لنا وتحملت كل هذه الآلام حتى تستمر فى عملها ، ولكن كتب القدر لها لحظه النهايه ، ولم تنتظر والدتى كثيرا وتوفيت أثر هذا المرض بعد مرور يومين فقط من دخولها إلى المستشفى .
وكانت وفاتها بمثابه صدمه كبيره انفجرت فى وجهى ، فقد كانت والدتى هى السند والدعم فى كل الاوقات ، والان رحلت وتركتنى انا واختى الصغيره فى مواجهه الحياه بمفردنا .
ولذلك لم استكمل دراستى وبدأت البحث عن عمل ، لكى أستطيع الانفاق على اختى الصغيره ورعايتها ، فهى كل ماتبقى لى فى الحياه .
ومرت الايام وكنت أعمل فى إحدى معارض الاخشاب القريبه من المنزل ، وكانت اختى فى دراستها ، وأصبحت حياتى منقسمه بين العمل وبين رعايه اختى والاهتمام بكل طلباتها .
وكانت تمر الايام وانا اعمل بكل جهد لكى أستطيع أن تتعلم اختى تعليم جيد ، وربما كانت هى العوض الجميل عن عدم استكمال دراستى .
ولكن كانت الحياه اصعب مما تخيلت ، حيث فى يوم من الايام تعرضت اختى لوعكه صحيه شديده ، وذهبت بها على الفور إلى المستشفى ، وطلب الأطباء إجراء بعض الفحوصات والتحاليل لها .
وبعدما انتهت كل إجراءات الكشف ، اخبرنى الأطباء النتيجه الصادمه ،فقد قال لى الطبيب أنها أصيب بمرض سرطان المخ !
وكانت كلمات الطبيب صعبه ، وشعرت بالاختناق الشديد ، وقال الطبيب أن المرض مازال فى بدايته ، ويمكن إنقاذها ولكن رحله العلاج سوف تستمر طويلا ، وسوف تكون لها تكلفه مرتفعه .
عدت إلى منزلنا الصغير مع اختى ، والدموع كانت تسيل من عيناى فى صمت وحزن كبير ، واخفيت كل شئ عن اختى حتى لايؤثر هذا الأمر على حالتها النفسيه .
وفى اليوم التالى ذهبت إلى العمل ، وتحدثت مع صاحب المعرض وشرحت له كل شئ ، وطلبت منه اقتراض مبلغ صغير لكى أستطيع البدء فى تنفيذ العلاج لها .
ولكن صاحب العمل تعامل مع الأمر بااستخفاف شديد ، وقال إن من يصاب بهذا المرض لايوجد شفاء منه ، وإن هذا الجهد سوف يذهب بلا فائده ، وأيضا رفض اعطائي اى أموال !
وبعد مرور يومين فوجئت أنه تم طردى من العمل ، وقال صاحب العمل ، أننى من الوارد أن أقوم بسرقته فى اى لحظه لاننى اريد إنقاذ اختى باأى طريقه ، حاولت التوسل له وشرح الأمر ،ولكنه رفض حتى الاستماع الى !
أصبحت الحياه اصعب ، وشعرت بالوجع والاختناق الشديد ، وكلما نظرت إلى اختى كان الحزن يقتلنى من الداخل ، ولا اعلم ماذا افعل ؟ وهل انتظرها تذهب أمام عينى بهذه السهولة .
كانت تمر الايام وانا كل يوم أسعى للبحث عن عمل ، ولكن بدون فائده ، كانت كل الابواب مغلقه فى وجهى بشكل عجيب .
وفى يوم من الايام أثناء عودتى إلى المنزل بعد رحله طويله من البحث عن عمل ، جلست بجانب إحدى صناديق المهملات وانا فى يأس وإحباط كبير .
وأثناء النظر والتأمل فى حالى الحزين ، وجدت حقيبه صغيره بداخل الصندوق ، وكانت تحاصرها القمامه من كل جانب .
وسريعا اخرجت الحقيبه وكانت يبدوا عليها انها غاليه الثمن وأيضا كانت جديده ، وكان الأمر غريب أن تسقط حقيبه فى وسط القمامه بهذا الشكل .
ولكن كانت الحقيبه مغلقه برقم سرى ، ولم أستطيع فتحها ، ولذلك كان يبدوا عليها الاهميه الكبيره ، فااخذتها إلى المنزل ، وجلست طول الليل افكر فى كيفيه فتحها .
وبعد عناء طويل من البحث والتفكير ، استطاعت فتحها فى النهايه ، وكان يوجد بداخلها بعض الأوراق والملفات الغريبه ، وحاولت فهم اى شئ بها ، ولكنى لم أستطيع .
ولذلك تركتها تحت السرير ، حيث لم افهم شئ مما بداخلها ، وبعد مرور يومين ، كنت جالس فى حزن شديد وإحباط بسبب عدم العثور على عمل ، فكرت فى شأن الحقيبه مره اخرى ، وأخذت الورق وحاولت الوصول إلى اسم صاحب الحقيبه ، وقولت فى نفسي ربما يكون صاحب الورق فى احتياج إليه ، وعندما اعطيه له تفتح لى الابواب المغلقه بسبب هذا الخير .
وبعدما عثرت على الاسم ، بدأت فى اليوم التالى البحث عن صاحب الحقيبه ، وبعد رحله عجيبه وطويله ، اخبرنى أحد الأشخاص عن منزله ، ولكن الغريب أننى عندما ذهبت لم استطيع الدخول ، لأن المنزل كان يشبه القصر الكبير ، وكان يعمل به عدد كبير من الأشخاص ، ورفض العاملين دخولى لكى اقابل صاحب المنزل .
وبعد عناء شديد أخبرتهم أن الأمر هام للغايه ، واخبرت مساعده أن الموضوع يتعلق بحقيبته المفقوده ، وبعد دقائق بسيطه فقط سمحوا لى بالدخول سريعا الى الرجل .
وعندما دخلت كان رجل كبير فى العمر ، وكان ينتظرنى بااهتمام شديد ، فسلمت على الرجل واعطيته الحقيبه ، وكان يبدو على الرجل السعاده والرضى الكبير بعدما رأى الاوراق كامله .
واخبرته أننى اريد الذهاب ، لقد انتهت مهمتى ، ولكن الرجل قال لا ، لابد من مكافئتك نظرا لما فعلته ، ولكنى رفضت بشده ، وأخبرته أننى فعلت ذلك لأنه خير وليس أكثر ، وتركته وذهبت .
ولكن فى صباح اليوم التالى ، وجدت الرجل أمام منزلى ، وكان معه بعض الأشخاص ، وكانت مفاجئه كبيره ، وقال لى الرجل أنه كلف أحد رحاله بمراقبتى لكى يعرف العنوان ، وجلس معى فى المنزل ، وطلب أن أعمل معه فى شركاته ، ولكنه طلب أن يستمع إلى قصتى ، وشرحت له القصه منذ البدايه حتى وصلت له بالاوراق .
وبعدما انتهى حديثى ، كانت اختى عادت من المدرسه وفوجئت أن هناك غرباء يجلسون معى ، ودخلت وسلمت عليهم وقال لها الرجل صاحب الحقيبه أنه صديقى .
وصمم الرجل أن أعمل معه ، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل تكفل بكل علاج اختى فى ارقى المستشفيات ، وكان دائما يهتم بعلاجها وكان يتواصل مع كبار الأطباء لكى يطمئن على حالتها .
واثناء العمل معه تغيرت حياتى كثيرا ، وكان المقابل المادى كبير ، ولم يكتف الرجل عند هذا الحد بل جعلنى اكمل دراستى ، وبعد مرور عده سنوات ، كنت اهم رجل فى شركاته واقرب الناس إليه ، وتعافت اختى من مرضها وتزوجت ، وتغيرت حياتى للأبد بسبب هذه الحقيبه الصغيره .
وبعد مرور سنوات ، سئلت هذا الرجل هل كانت الحقيبه مهمه لهذه الدرجه لكى تفعل كل ذلك ، كان الغريب أن الرجل قال لا ، لقد كانت اوراق عاديه للغايه ، ولكنى كنت ابحث عن شخص امين وصادق ، لأننى كانت حياتى مثلك فى يوم من الايام وتغيرت أيضا بسبب حقيبه وجدتها واعطيتها إلى صاحبها .
لحظتها أدركت أن الابواب ممكن أن تغلق جميعا فى وجهك ، لكى تذهب إلى الباب الصحيح .
Content created and supplied by: mohamedmahfoz (via Opera News )
تعليقات