كانت مهند مرهف الحس ويميل إلى الخلوة والسكون، ولما رأته أمه هكذا دعته إلى مصاحبتها في زيارته العائلية وجولاتها التسويقية. وبعد إلحاحٍ منها عليه، استجاب لها وبدأ يخرج معها ويشعر بإحساسٍ جديدٍ ظل غائبًا عنه لسنين. وفي هذه الفسح والزيارات والجولات التسويقية؛ اكتشف مهند عالمًا جديدًا ودب النشاط والحيوية في بدنه وبدأ يعشق الخروج ويريد استكشاف جمال العالم من حوله.
في إحدى الجولات، لاحظت أمه إعجابه بفتاةٍ بدا عليها أنها تتمتع بقدرٍ وافرٍ من الاحترام والحياء. تبادل مهند النظرات مع تلك الفتاة وصار يسير حيث تسير وأمه تمشي معه دون أن تشعره وتتجاوب مع خطواته يمينًا ويسار. وعندها استوقفته الأم لحظة وذهبت إلى تلك الفتاة وكلمتها وسألتها عن اسمها وعن عنوانها وأخبرتها برغبتها في التعارف بها وبعائلتها لأن ابنها يريدها زوجةً له. وما أن علم مهند بما فعلته أمه طار فرحًا خاصةً بعدما علم أن تلك الفتاة استجابت لها وأعطتها كافة التفاصيل الخاصة بها.
وبعد فترةٍ من تبادل الزيارات واللقاءات بين العائلتين، اتفق الجميع على عقد القران وتحديد موعدٍ للزفاف وسارت الأمور بشكلٍ سلسٍ ورائع. وها هو مهند يقف الآن على مقربةٍ من زوجته في عش الزوجية بعد اتمام الزواج، ويحدثها بما يحلم به ويتمناه وهي تستمع لها بابتسامةٍ وسعادة. كان مهند لا يتقن الغزل، لكنه كان يتقن التعبير عما يجيش في صدره كما هو وبلغته هو ومفرداته هو. وكانت الزوجة تتقبل كل شيء ولم تنزعج من شيءٍ قط.
وعلى الرغم من سعادة الزوجين ببيتهما الجديد، وحرصهما على العيش في هدوءٍ وسعادة، إلا أن الزوجة بدأت تفسد ذلك بحكاياتها عن حبيبها الأول الذي خذلها ولم يتقدم لخطبتها. فهي لم تكن تدرك مستوى تفكير مهند الذي كان بدائيًا في بعضً منه، وذلك لعدم اختلاطه بالناس وعدم وجود أصدقاء يحدثهم ويحدثونه وينصحونه. فلما فرغت من حكاياتها عن حبيبها هذا ترك مهند المنزل وهجرها فظنت أنه قد عاد إلى أحضان أمه. وبعدما رحل عن بيته؛ لامت الزوجة نفسها وأرادت أن تعتذر له؛ فاتصلت عليه لتعرف أين هو؛ ففاجأها بأنه ذاهبٌ لحبيبها الأول ليسأله عن شيء. ترى ما هذا الشيء الذي يريد أن يسمعه منه؟ وكيف ذلك وهو لم يزل في شهر العسل؟
بالفعل، التقى مهند بحبيب زوجته الأول وسأله عن سبب خذلانه لها فقال له إنها ظروفه المادية وفقط، وعندها اطمأن مهند له وعاد ليكمل قصة زوجته، ويقول لها خذلك بسبب ظروفه المادية، ولو شئت لطلقتك وساعدته ليتزوجك، لكنها أعربت له عن اسفها لو فهم من كلامها أنها ما زالت تحبه وأقسمت له بالله أنه الله عندها كل الحياة وكل العالم ولا تريد شيئًا من الدنيا سوى رضاه. فاستقرت نفس مهند وتعلمت زوجته من تلك القصة وعاهدت نفسها ألا تعيد الماضي للحاضر وأن تضع نقطة وتبدأ معه من أول السطر.
Content created and supplied by: ِِالمحمودي (via Opera News )
تعليقات