يقول الله تعالى في القرآن الكريم، تحديداً في سورة الأعراف:{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لأَدَمَ فسجدوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِّنَ الساجدين}.. جميعنا نعرف أن الله قد أمر الملائكة بالسجود لآدم، فسجدوا وامتنع إبليس عن السجود، ولكن كثير منا يختلط عليه الأمر، عن جنس إبليس وهل هو من الجن أم من الملائكة؟، وإن لم يكن من الملائكة فكيف ارتقى إلى مجلسهم؟، وبماذا لقب بينهم؟.. جميع هذه الأمور يكشف عنها تفسير الشيخ محمد متولي الشعراوي للآية الكريمة التي ذكرناها في بداية حديثنا..
من هو إبليس؟ وما جنسه؟
يقول الله تعالى:{ثُمَّ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لأَدَمَ فسجدوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِّنَ الساجدين}
في الآية الكريمة يظهر جلياً أن إبليس لم يكن من الساجدين، وهذا يدل على أنه دخل في الأمر بالسجود، ولكن هل هو من الملائكة بمقتضى هذا الأمر؟ الإجابة هي لا، لأنه يوجد في القرآن الكريم نصَّا يدل بالالتزام، ونصَّا يدل بالمطابقة والقطع، وبحسب الشيخ الشعراوي فيجب حمل نص الالتزام على النص المحكم الذي يقطع بالحكم، ولهذا فإن جنس إبليس يوضحه قول الله تعالى في سورة الكهف: {وَإِذْ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لأَدَمََ فسجدوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ...}
ولذلك فإن الآية الكريمة تدل على إخراج لإبليس من جنس الملائكية، وتقر بأنه من جنس الجن، والجن كالإنس قد جبلهم الله على الاختيار، ولذلك يمكنه أن يعصي أو يطيع، وفي هذا الجانب يقول الحق: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}.وهذا يعني أن هذا الفسوق أمر جائز منه، بخلاف الملائكة فقد حيلهم الله أن لا يعصون أبداً ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
كيف ارتقى إبليس لمجلس الملائكة إن لم يكن منهم؟
يوضح الشيخ الشعراوي ذلك لمن يتساءل عن لماذا جاء الحديث عن إبليس ضمن الحديث عن الملائكة؟. فيقول الشبخ: هب أن فرداً مختاراً من الإِنس أو من الجن التزم بمنهج الله كما يريده الله، فأطاع الله كما يجب ولم يعص.. أليست منزلته مثل الملك بل أكثر من الملك، لأنه يملك الاختيار." ولذلك فقد بلغ إبليس من الطاعه ما جعله يرتقي لمجلس الملائكة، فرغم أنه جُبِل على الإختيار فقد كان شديد الطاعة لله، لدرجة أنه أصبح كالملك بل أفضل من الملك.
بماذا لقب بين الملائكة؟
بلغ إبليس من الطاعة أنه لقب بـ طاووس الملائكة، لتميزه وتفرده بينهم، والطاووس يدل على الزهو في محضر الملائكة، وذلك لأنه ألزم نفسه بمنهج الله، وترك اختياره، فنفذ مراد الله، وكان لا يعصي الله ما أمره، فخوله ذلك لأن يزهو على الملائكة كونهم مجبورون على الطاعة، أما هو فقد كان صالحاً لأن يطيع رغم أنه جبل على الإختيار، وصلاحه آنذاك نبع من اختياره، فأخذ منزلة متميزة جعلته يحضر حضور الملائكة، فلما حضر بينهم جاء البلاغ الأول عن آدم في أثناء حضوره، وقال ربنا للملائكة: {اسجدوا لأَدَمَ}.
فشمله الأمر رغم أنه ليس منهم، وكان أولى به أن يسارع بالامتثال، ولكنه استنكف ذلك، ويقول الشيخ الشعراوي:"هب أنه دون الملائكة ومادام قد جاء الأمر للأعلى منه وهم الملائكة، ألم يكن من الأجدر به وهو الأدنى أن يلتزم بالأمر؟ لكنه لم يفعل.".. وأضح الشيخ أنه ولكونه من الجن، فقد غلبت عليه طبيعة الاختيار في هذا الموقف واختار الامتناع عن السجود ولم يمتثل لأمر ربه وخالقه.
المصادر:
https://www.elfagronline.com/3179653
https://youtu.be/5APCdlnru7o
Content created and supplied by: AhmedSayed70 (via Opera News )
تعليقات