لا شك أن القرآن الكريم هو كلام الله منزل غير مخلوق ، الذي أنزله على نبيه محمد صل الله عليه وسلم باللفظ والمعنى وهو كتاب الإسلام الخالد ، ومعجزته الكبرى ، وهداية للناس أجمعين ، قال تعالى : " كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ " صدق الله العظيم ، ولقد تعبدنا الله بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار ، قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ " ، فيه تقويم للسلوك، وتنظيم للحياة، من استمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، ومن أعرض عنه وطلب الهدى في غيره فقد ضل ضلالاً بعيداً ، ولقد أعجز الله الخلق عن الإتيان بمثل أقصر سورة منه ، قال تعالى : " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة ممن مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين".
قد أخبرنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأن هناك سجدًا تجعله يبكي بكاءًا شديدًا، وهي سجدة التلاوة، فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قَرَأَ ابنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطانُ يَبْكِي، يقولُ: يا ويْلَي، أُمِرَ ابنُ آدَمَ بالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الجَنَّةُ، وأُمِرْتُ بالسُّجُودِ فأبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ.
فإذا أراد الإنسان أن يجعل الشيطان يبكي ويصرخ فعليه أن يزيد في سجوده، لزيد في بكاء الشيطان عليه لعنة الله. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رن إبليس حين أنزلت فاتحة الكتاب. وقال عطاف بن خالدٍ: بلغني أنه لما نزل قوله تعالى: "وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ".
دعاء سجدة التلاوة.
على لسان الشيخ الشعراوي رحمه الله قال؛ علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سجود التلاوة أن نقول: اللهم احطط بها عني وزرَ، واجعلي بها أجرَ، واجعلها لي عندك ذخرَ.
هل سجدة التلاوة واجب أم سنة؟ هل هي مندوب إليها أم هي فرض على الإنسان؟
اختلف العلماء في سجود التلاوة، أشار مذهب الحنفية أن سجود التلاوة واجب، والجمهور الحنابلة والشافعية وغيرهم قالوا أن سجود التلاوة سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم. سجد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وترك السجود في مواطن، وهذا ما بين أنه سنة وليس بواجب. ويمكننا القول: الواجب عند الحنفية يساوي السنة المؤكدة عند الجمهور في غالب الأحكام.
لكن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ آية سجدة فلم يسجد، وقٌرأ أمامه بآية السجدة فقال له عمار: لمذا لم تسجد يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا عمار لو سجدت لسجدنا، أنت القاريء فأنت الإمام. سيدنا رضي الله عنه وهو يخطب في الناس على المنبر قرأ سورة النحل، جاء عند آية السجدة فنزل عند أصل المنبر وسجد فسجد الناس. في الجمعة التي تليها قرأ سيدنا عمر هذه السورة، وجاء عند آية السجدة فلم يسجد.
لذلك تعد سجدة التلاوة أمرٌ مندوب إليه، فقال: "أيها الناس إنما نمر بآية السجدة فمن شاء سجد، ومن شاء فلا إثم عليه" رواه الإمام مسلم. عندما نعلم أن الأمر مندوب إليه، وأن النبي فعل وترك، وأن الصحابة فعلوا وتركوا؛ هنا يتسع الأمر على الناس.
وقراءة القرآن الكريم عامة وتأمل في آياته ومعرفة تأويله وسبب نزول آياته ،من أعظم الطّاعات، وأجلّ القربات، وأشرف العبادات، قال عثمان بن عفان: "لو أنّ قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربّنا، وإنّي لَأكره أن يأتي عليَّ يوم لا أنظر في المصحف"، فهو حبل اللّه المتين، والذّكر الحكيم، والصّراط المستقيم، من تركه من جبار قصمه اللّه، ومن ابتغى الهدى في غيره أضلّه اللّه، وحامله من أهل اللّه وخاصّته، فعن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ للّه أهلين من النّاس، قالوا يا رسول اللّه من هم؟ قال: هم أهل القرآن، أهل اللّه وخاصته»
ومن شغله القرآن عن الدّنيا عوّضه اللّه خيرًا ممّا ترك، ومن ليس في قلبه شيء من القرآن كالبيت الخرب، فكم هي البيوت الخربة، والقلوب الخربة التي أدمنت اليوم على الغناء والرّقص و(الفيديو كليب) وغيرها، وهجرت القرآن كلام الرّحمن؟! وأمّا الأجر والثواب للقارئ فالقرآن يشفع لصاحبه وقارئه، وله به في كلّ حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، إلى أضعاف مضاعفة، وتنزل عليه السّكينة، وتغشاه الرّحمة، وتحفّه الملائكة، ويذكره اللّه فيمن عنده، سبحان اللّه! ما أعظمه وأجلّه، أحقًّا يذكر جبّار السموات والأرضين العبدَ الضعيفَ الذي خُلق من ماء مهين؟
وفي النهاية إذا أتممت القراءة اثبت حضورك بالصلاة على النبي محمد و شاركنا بذكر محبب إلي قلبك لعلها ساعة إجابة
المصدر: عن الشيخ الشعراوي رحمه الله - عن الشيخ عويضة عثمان أمين إدارة الفتوى بدارالإفتاء - من الدقيقة 1:15 إلى الدقيقة 6:38.
Content created and supplied by: Ahmedahmed46 (via Opera News )
تعليقات