المعارك الإسلامية مثلت على طول الزمان وعرضه نموذجا فريدا، إذ لم تر الدنيا في تاريخها معارك أشرف من معارك المسلمين ولا أسمى منها غاية، وفي بداية الحديث حول بحث عن المعارك الإسلامية لا بدَّ من القول بأنَّ المعارك الإسلامية لم تبدأ في تاريخ الإسلام إلا بعد الهجرة وتحديدًا في السنة الثانية من هجرة النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، وقد كانت في بداية الأمر دفاعًا عن النفس وردِّ الظلم والاضطهاد الذي لحق بالمسلمين، فقد كانوا مستضعفين في مكة المكرمة، وكان الله تعالى قد أمرهم بأن يدعوا الناس بالحسنى وأن لا يستخدموا القوة في ذلك، فلم تكُن شوكة المسلمين قد قويَت بعد ولم يكُن لهم كيانٌ يحميهم ويحفظُ لهم وجودهم، وهذا ما لم يتحقَّق إلا بعد أن تمكَّن المسلمون في المدينة المنورة وبدأت الدولة الإسلامية في ذلك الوقت بالنمو شيئًا فشيئًا.
ولم تلبث المعارك الإسلامية بعد ذلك إلا أن توالت بشكل عنيف، فقد كان أعداء الإسلام الذين يحيقونَ به من كل جانب كثُر، فكانت في البداية قريش ومن حالفها من أهل مكة يتربَّصون بالمسلمين، إضافةً إلى القبائل العربية المنتشرة في شبه الجزيرة العربية والتي شعرَت بتنامي الإسلام وانتشاره في جزيرة العرب، كما كان هناك الدولة الرومانية والفارسية اللتان بدأتا تشعران بخطورة هذه القوة الناشئة والتي قد تشكِّلُ خطرًا على وجودهم فيما بعد، وكانت الدولة الإسلامية في مرحلة النشوء وبحاجة لنشر الدعوة الإسلامية وإيصالها إلى جميع بقاع الأرض، وفي بحث عن المعارك الإسلامية يشار إلى أنَّ كل تلك الظروف سارعت في عجلة المعارك الإسلامية منذ الأيام الأولى التي أمر الله تعالى بها المسلمين بالقتال وتبليغ الرسالة وإلى آخر المعارك التي خاضها المسلمون.
وحديثنا اليوم عن عزوة ودان فهيا بنا بقلوبنا وعقولنا الي ارض المدينة المنورة في الشهر الاول من العام الهجري الثاني ، لنشاهد ونعاصر االعزوة عن قرب .
بعد سنةٍ وشهرٍ تقريبًا من وصول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة وقعت أحداثُ غزوة ودان، حيثُ خرجَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الثاني من شهر صفر في العام الثاني من الهجرة ومعه سبعون رجلًا من المسلمين من المهاجرين فقط، واستخلفَ على المدينة المنورة الصحابيّ سعد بن عبادة -رضي الله عنه-، وقد خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهدف اعتراضِ عيرٍ لقبيلة قريش، وكانت هذه الغزوة أولى غزوات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وقد حملَ لواء هذه الغزوة حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- عمُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حيثُ وصل الرسول مع من معه من المسلمين إلى منطقة ودان في وادي الفرع في الحجاز وهي منطقة تبعدُ 250 كم تقريبًا عن المدينة المنورة، ولم يلقَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عيرًا لقريش، لكنَّه واجه فيها قبيلة بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة فعقدَ معهم تحالفًا عن طريق سيِّدهم عمارة بن مخشي الضمري الكناني على ألا يغزوهم ولا يغزوه ولا يعينوا عليه أحد، وكان نص الكتاب الذي اتَّفق عليه الطرفان ما يأتي: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب محمد رسول الله لبني ضمرة بأنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم وأن لهم النصر على من رامهم بسوء بشرط أن يحاربوا في دين الله ما بل بحر صوفة وأن النبي إذا دعاهم لنصر أجابوه، عليهم بذلك ذمة الله ورسوله"، وبذلكَ لم يحدث قتال في هذه الغزوة، وعادَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع المسلمين إلى المدينة بعد أن أقاموا في تلك المنطقة لمدَّة خمس عشرة ليلةً تقريبًا.
وتعدُّ غزوة ودان أولى الغزوات والمعارك التي خاضها رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بنفسه لمجاهدة المشركين وتُسمَّى أيضًا بغزوة الأبواء، فقد شرعَ الله تعالى الجهاد في سبيل لله للمسلمين وشرعَ لهم مبادرةَ العدوِّ بالقتال في العهد المدنيِّ للتمكين لدين الله تعالى بالانتشار في الأرض دون عقبات، قال تعالى في كتابه الكريم: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} .
وقد كانت غزوة ودان إحدى الغزوات السبع والعشرين التي خاضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنفسه، لم تحدث قبلها أيَّة غزوة وتلتها غزوة بواط
وأسباب غزوة ودان من الأسباب الرئيسة وراء غزوة ودان أو غزوة الأبواء هو أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- خرجَ يريدُ عيرًا لقريش ولبني ضُمرة، ويقال إنَّه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يريد عيرَ بني ضمرة بل عيرَ كفار قريش فقط، وقد كانت هذه الغزوة أولى طلعات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للقتال خارج المدينة؛ لأنَّه كان يريدُ أن يضغطَ على قريش أيضًا اقتصاديًّا وتجاريًّا ويشعرهم بخطر المسلمين المُقبل عليهم فيلتزموا بالسلم ويمتنعوا عن إيذاء المسلمين والتربُّص بهم. أهداف غزوة ودان كان لغزوة ودان أو غزوة الأبواء الكثير من الأهداف التي خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يحقّقها؛ لأنَّها كانت أولى غزواته التي خرج إليها بنفسه -صلى الله عليه وسلم-،
ومن أهمِّ أهداف غزوة ودان ما يأتي: استكشاف الطرق والمناطق حول المدينة المنورة، ومعرفة الطرق المؤدية إلى مكة المكرمة.
عقد بعض المعاهدات مع القبائل التي تسكنُ على هذه الطرق. إظهار قوَّة المسلمين للمشركين ولأهل منطقة الحجاز وحتى يعرف الجميع بأنَّ المسلمين قد تخلصوا من ضعفهم وبدؤوا مرحلة جديدة في المدينة المنورة.
توجيه إنذار مباشر إلى قبيلة قريش وإشعارها بالخطر الكبير الذي يحيطُ باقتصادها وبكل أسباب معيشتها فتتزايدُ الضغوط عليها للجنوح إلى السلم ولا تحاول الهجوم على المسلمين في ديارهم.
الحدُّ من تمادي قريش في إيذائها للمسلمين. الضغط على قبيلة قريش لتتجنّب منعَ الناس من الدخول في الإسلام، ولدفعها حتى تتركَ الناس أحرارًا في اختيار دينهم.
واما عن موقع وتاريخ غزوة ودان وقعت غزوة ودان في الثاني من شهر صفر من السنة الثانية للهجرة، أيْ بعد هجرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة بسنةٍ وشهرٍ تقريبًا فكانت أولى غزواته -صلى الله عليه وسلم-، وكانت غزوة ودان في منطقة يُقال لها وَدَّان وهي قرية جامعة من أعمال وادي الفرع في الحجاز تبعُد 250 كم عن المدينة المنورة تقريبًا، وتُسمَّى أيضًا غزوة الأبواء نسبةً إلى الأبواء وهي أيضًا في وادي الفرع، وهي قريبة من ودان بينهما ستة أميال فقط.
نتائج غزوة ودان كان لغزوة ودان التي قادها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنفسه الكثيرُ من النتائج المهمّة التي انعكست إيجابيًّا على المسلمين وعلى وضعهم العامّ في المدينة المنورة، وكان من أهم نتائج غزوة ودان:
توقيع معاهدة تحالف بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين بني ضمرة.
تأمين الطريق التي سلكها المسلمون بتوقيع المعاهدة مع بني ضمرة.
إظهار قوة المسلمين وتخويف قبيلة قريش من قوة المسلمين التي بدأت بالتمدد في المدينة المنورة.
تهديد أمن قريش الاقتصادي والتجاري والضغط عليها بكافة الوسائل الممكنة لتمتنع عن إيذاء المسلمين.
إيصال رسالة إلى قبيلة قريش بأنَّ المسلمين أصبحوا أقوى من السابق وتخلصوا من ضعفهم القديم.
اذا اتمتم قراءة المقال فلا تنسونا من فضل دعاءكم وتعليقاتكم ومشاركتكم حتي تعم الفائدة علي الجميع
Content created and supplied by: SalahHarby (via Opera News )
تعليقات