شاء الله سبحانه وتعالى أن يجعل في الأرض خليفه يعمروا الأرض ويعيشوا فيها ويحيوها، فأخبر الله عز وجل الملائكة بأنه عز وجل سيخلق خلق جديد من أجل ذلك، فتعجبت الملائكة واستفهموا عن سبب خلق خلقا جديداً قد يعصوا الله سبحانه وتعالى.
خاصة وأن الملائكة رؤوا ما كان من بني الجان في الأرض من العصيان وسفك الدماء ونشر الخراب، فلماذا يخلق الله تعالى في الأرض خلقاً آخر فيفعلوا أفعال خراب أيضا، بينما الملائكة خُلقوا على الطاعة ولا يعصون الله أبداً، ويفعلون ما يؤمرون.
ولكن الله تعالى عنده علم الغيب كله، ويعلم ما كان وما يكون وما سوف يكون، ويعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون، وهو بكل شيء عليم. قال الله تعالى: "إني أعلم ما لا تعلمون". صدق الله العظيم.
وتمهيداً للخلق الجديد، أمر الله سبحانه وتعالى الملائكة أن يجمعوا التراب، فأخذوا يجمعون التراب من أنحاء الأرض من سهولها وجبالها، ووديانها وهضابها، ومن ترابها الأبيض والأحمر والأصفر والأسود وغيره.
ولذلك صارت ذرية آدم عليه السلام مُختلفة الألوان ومتعددة الطباع. فخُلق آدم عليه السلام من قبضة قبضها الله تعالى من جميع الأرض، فسواه طيناً، فأصبح الطين طيناً لازب معجون، وصوره بيده سبحانه وتعالى، ثم تركه حتى صار صلصالاً كالفخار.
وجعل طوله ستين ذراعاً في السماء. وكان إبليس اللعين يمر عليه ويحركه ويقول: "إن له شأن". فيحسده ويرى في نفسه العجب والكبر، لكون هذا المخلوق خلق من الطين وهو مخلوق من النار. ومادة النار أقوى من مادة الطين في نظره وأعلى شرفاً.
وبعدها أسكن الله تعالى آدم الجنة، وجعله يتمتع بجميع النعم والمأكل والمشرب، ومنعه من الاقتراب من شجرة واحدة، وكانت تلك فرصة ابليس في الوسوسة لآدم عليه السلام.
فبقي ابليس يوسوس لآدم حتى أكل من هذه الشجرة، فنزل عقاب الله عز وجل عليه وزوجته جواء، وانكشفت عورتاهما وأصبحا يواريان عورتاهما بأوراق أشجار الجنة.
وبعدها استغفر آدم ربه سبحانه وتعالى وغفر الله له. ولكن الله تعالى أنزلهما إلى الأرض، وقيل أن آدم نزل في الهند، بينما كان نزول زوجته حواء في جدة بالمملكة العربية السعودية.
وقد روي هذا القول عن الحسن البصري رحمه الله، أنهما كان نزولهما جميعاً في الهند وأنهما لم يفترقا من حيث النزول، وقد نقل هذا القول ابن كثير رحمه الله عن السدي رحمه الله.
وقال آخرون اهبط آدم عليه السلام بمنطقة بين مكة والطائف تُسمى دحنة، ولم تذكر هذه الرواية موضع نزول حواء. ويؤيد هذه الرواية ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه من قول: "أهبط آدم إلى أرض يقال لها دحنة بين مكة والطائف".
وبدأ سيدنا آدم عليه السلام يشعر بالتعب والإرهاق، فاختلفت عليه الحياة واستغفر ربه كثيراً ليعود إلى الجنة، ولكن الله تعالى أمره بأن يسعى ويكد للوصول إليها مرة أخرى.
وحتى تبقى السلالة البشرية مستمرة، أنجبت حواء الذكور والإناث وتزوجوا من بعضهم البعض، حتى تستمر البشرية ويبقى الإنسان ليعمر في الأرض حتى قيام الساعة.
وبعد أن عاش آدم عليه السلام تسعمائة وستين عاماً، ورأى من ذريته أربعين ألفاً، جاءت الملائكة لتقبض روحه، فذكر أن الله تعالى أعطاه ألف سنة، فذكرته الملائكة بما كان من أمره في الجنة من سؤال الله تعالى أن يعطي أربعين سنة من عمره لابنه داوود عليه السلام. فأنكر آدم ذلك ونسي ونسيت أمته.
ذكر العلماء ان آدم عليه السلام قبيل موته مرض مرضاً شديداً، أقعده هذا المرض أحد عشر يوماً، وفي هذه الأثناء استطاع آدم عليه السلام أن يُوصي شيث عليه السلام وعلمه كل شيء وأوصاه أن يخفي علمه عن قابيل وولده حتى لا يُقتل كما قُتل أخوه هابيل حسداً منه حين خصه الله تعالى بتزويج هابيل من إقليم أختهما. فعمل شيث عليه السلام بوصية أبيه وأخفى علمه عن قابيل وولده.
روى ابن حبان من حديث إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني، قال: حدَّثنا أبي، عن جدّي، عن أبي إدريس الخولاني، عَنْ أبِي ذَرٍّ قَالَ: "دخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإذَا رَسُولُ الله-صلى الله عليه وسلم-جَالِسٌ وَحْدَهُ، قلْتُ: يَا رَسُولَ الله! كَمْ كِتَاباً أنْزَلَهُ الله؟
قَالَ: مِئَةُ كِتَابٍ، وَأَرْبَعَةُ كُتُبٍ: أُنْزِلَ عَلَى شِيثَ خَمْسُونَ صَحِيفَةً، وَأُنْزِلَ عَلَى أخْنُوخَ ثَلاثُونَ صَحِيفَةً، وَأُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَشْرُ صَحَائِفَ، وَأُنْزِلَ عَلَى مُوسَى قَبْلَ التَّوْرَاةِ عَشْرُ صَحَائِفَ، وَأُنْزِلَ التَّوْرَاةُ وَالإنْجِيلُ وَالزَّبُورُ وَالْفُرْقَانُ". رواه ابن حبان في صحيحه الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان.
ولما حضرت آدم الوفاة عهد إلى ابنه شيث، وعلمه ساعات الليل والنهار، وعلمه عبادات تلك الساعات، وأعلمه بوقوع الطوفان بعد ذلك، ويقال أن أنساب بني آدم تنتهي كلها اليوم إلى شيث عليه السلام، وغير أولاده أنقرضوا وبادوا والله أعلم.
ويوم توفي آدم عليه السلام كان يوم الجمعة، جاءته الملائكة بحنوط وكفن من عند الله تعالى من الجنة، وعزوا فيه شيث عليه السلام. وقال ابن اسحق رحمه الله: "وكسفت الشمس والقمر سبع أيام بلياليهن".
ولما حضر الموت سيدنا آدم، قال لبنيه: "إني أشتهي من ثمار الجنة". فذهبوا يطلبون له فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه، ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل، فقالوا لهم: "يابني آدم ما تريدون وأين تطلبون، قالوا: أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة، فقالوا: ارجعوا فقد قضى أبوكم".
فجاءوا فلما رأتهم حواء عليها السلام عرفتهم، فلاذت بآدم، فقال إليك عني فإني إنما أوتيت من قبلك، فخلي بيني وبين ملائكة ربي عز وجل، فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحفروا له ولحدوه وصلوا عليه، ثم أدخلوه قبره.
روى أبي ابن كعب رضي الله عنه، عن النبي صل الله عليه وسلم، أن آدم عليه السلام حين حضرته الوفاة، بعث الله عز وجل إليه بحنوطه وكفنه من الجنة، فلما رأت حواء الملائكة ذهبت لتدخل دونهم.
فقال خل عني وعن رسل ربي، فما لقيت ما لقيت إلا منك، ولا أصابني ما أصابني إلا فيكي، فلما قبض غسلوه بالسدر والماء وترا، وكفنوه في وتراً من الثياب، ثم لحدوا له ودفنوه، ثم قالوا: "هذه سنة ولد آدم من بعده".
قال بن عباس رضي الله عنه: "لما مات آدم عليه السلام قال شيث لجبرائيل، صل عليه، فقال تقدم أنت فصل على أبيك، فكبر عليه ثلاثين تكبيرة، فأما خمس وهي الصلاة، وأما خمس وعشرون فتفضيلاً لآدم.
ودُفن آدم عليه السلام في غار في جبل أبي قبيس، يقال له غار الكنز، وقال ابن عباس رضي الله عنه، لما خرج نوح من السفينة بعد الطوفان، دفن آدم عليه السلام ببيت المقدس.
المصادر:
Content created and supplied by: AmalDayem (via Opera News )
تعليقات
محهول
02-21 13:19:34ان الشمس و القمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت احد... لقد كان قابيل يعلم الدفن من الغراب. ملك الموت هو قابض الارواح و ليس حملة المعاويل الذين جاؤا لقبض روح ادم..... َما اشهدتهم خلق أنفسهم........ لم يكن البصري و لا عباس انياء و لم يوح لهما.... و هذه مظنات لا تثبت. لم تقل هل كان لادم ذرية في الجنة ام اهبطوا منها جميعا لادم و زوجه و ابليس...
MahmoudAElhamed
02-21 03:56:05والله اعلم