كتب - محمود طه محمود
" بسم الله الرحمن الرحيم "
الحمد لله الذي يكتمله بفضل كل طيب وصالح، الحمد لله الذي درأ عنا الشرور، وصل اللهم علي سيدنا محمد زي والوجه المنير وبعد،،
فإن من أكثر الأشياء التي تهدد والمجتمعات وتعمل علي هدمها هي الشائعات، فهي كفيلة بهدم دولة بأكملها او زعزعة استقرارها علي أقل تقدير، هذا علي المستوي الجماعي وعلي المستوي العائلي فقد تكون الشائعات سبباً في خراب بيت أو طلاق زوجين، والشائعات هي أمر ليس وليد اليوم، بل هو أمر أزلي منذ القدم، ومما لا شك فيه ظان تأثير الشائعات يتضاعف من العصر السابق للذي يليه وتزداد خطورته.
وبالكاد لا يخلوا مجتمع مهما كان علي مستوي من الثقافة والتدين من الشائعات، فهي موجودة في كل زمان ومكان، وما يزيد الامر سوءً هو سرعة انتشارها بين الناس، فبمجرد انتشار الشائعة بين الناس تنطلق كالنار في الهشيم، ولقد حذرنا القرآن الكريم من الانسياق وراء الشائعات، وامرنا بتقصي الحقائق والتثبت والتبين من الأخبار حتي لا نندم علي تصرفاتنا أو ردود افعالنا التي نتخذها بنائنا علي تلك الشائعات في قوله تعالي : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ".
في هذا المقال سوف نتحدث عن: الشائعات باستفاضة وعن تأثيرها علي الفرد والمجتمع، ودور التربية في مواجهة هذه المشكلة.
عناصر المقال :
1- التعريفات المختلفة للشائعات.
2- ذكر الشائعات في القرآن والسنة النبوية.
3- آثار الشائعات علي المجتمع .
4- دور التربة في مواجهة الشائعات، وطرق مواجهتها.
أولا تعريف الشائعات
تعريف الشائعات في اللغة: شاع الشيء يشيع إذا تفرق، والشاعة هي الأخبار المنتشرة، ورجل مشاع أي: مذياع لا يكتم السر.
والشائعة والإشاعة : الخبر ينتشر غير مثبت منه.
وتعرف أيضاً بأنها عند علماء النفس :
الشائعة :هي عبارة عن رواية تتناقلها الافواه دون ان ترتكز على مصدر موثوق يؤكد صحتها. (لتشارلز اندال).
وتعرف أيضاً: بأنها أخبار مشكوك في صحتها ويتعذر التأكد منها، وتتعلق بموضوعات لها أهمية كبيرة لدي الأشخاص الموجهة لديهم، ويؤدي تصديقهم أو نشر هذه الشائعة إلي إضعاف أو قتل روحهم المعنوية.
ويمكن استخلاص تعريف شامل وعامل لها وهو: أن الشائعات تعرف بأنها الترويج لخبر لا أساس له في الواقع، أو المبالغة في سرد خبر يحتوي علي جزء صغير من الحقيقة.
ثانياً : ذكر الشائعات في القرآن والسنة النبوية.
الشائعات لم تقتصر علي زمان أو مكان معين حتي انها كانت في عهد النبي صل الله عليه وسلم، وجاء ذكرها في عدد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.
الشائعات في القرآن :
1- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (سورة الحجرات – الآية 6)
3- إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ (سورة النور- الآية 11)
4- إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (سورة النور – الآية 15)
الشائعات في السنة النبوية المشرفة:
ذكر النبي صل الله عليه وسلم الشائعات بشكل مباشر وغير مباشر وحزرنا من الانسياق خلفها، فجاء ذكرها في عدة احاديث، منا:
1- حديث ابي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال " أيما رجل أشاع على امرئ مسلمٍ كلمة هو بريء منها ليشينه بها، كان حقاً على الله أن يعذبه يوم القيامة في النار حتى يأتي بنفاذ ما قال "
2- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في مؤمن ما ليس فيه, أسكنه الله ردغة الخبال؛ حتى يخرج مما قال. رواه أحمد, وأبو داود
ثالثاً : آثار الشائعات علي المجتمع.
1- تأثر الشائعات علي سعادة الفرد وأمنه النفسي.
تأثر الشائعات علي الفرد كون جزء من المجتمع، فنجد الشخص المثارة حولة الشائعات، يصاب بالحزن والهم بسبب ذلك، سواء فيما يتعلق بدينة أو شرفه أو غير ذلك، وخير مثال علي ذلك سيدتنا أم المؤمنين عائشة، رضوان الله عليها عندما أصابها الهم والحزن الشديد في حادثة الإفك عندما اطلقت عليها شائعة الزنا، فحزنت وبكة بكاءاً شديداً لشهر كامل.
2- تؤثر علي الاستقرار والترابط الاسري:
فمثلا في المثال السابق " حادثة الإفك " تأثر النبي صل الله عليه وسلم تأثراً شديداً بسبب ما قيل عن زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها، بسبب عدم امتلاكه الدليل علي كذبهم، وكاد بيته صل الله عليه وسلم يتهدد بسببه لولا رحمة الله وفضل، وتأثر ايضاً والدها سيدنا أبي بكر الصديق وحزن حزناً شديداً، وأصاب أسرة النبي صل الله عليه وسلم وأسرة سيدنا ابي بكر الصديق الهم والغم بسبب تلك الشائعة، حتي أراد الله برحمته كشف تلك الغمة وإظهار الحقيقة وتبريئ ام المؤمنين بآيات تتلي إلي يوم القيامة.
3- تشيع روح الانقسام في المجتمعات وتثبط الروح المعنوية لدي الافراد والمجتمعات:
فبسبب الشائعات في المجتمعات يتزعزع استقرارها، ويكثر الهرج والمرج في البلاد، ويكثر العداوات بين الناس وبعضهم البعض، وفي الازمات والحروب فإن شائعة واحدة كفيلة بهزيمة جيش بقتل روحه المعنوية .
ومن آثارها أيضاً :
4- العنف والتطرف والإرهاب.
5- إثارة الفزع والرعب بين الناس.
6- قد تؤدي بالفرد إلي الانتحار بسبب تشوية السمعة، أو القتل.
7- تدمير النظام القيمي والسلمي في المجتمع.
رابعاً : دور التربة في مواجهة الشائعات، وطرق مواجهتها
يجب علي المدرسة او الجامعة وجميع أماكن ومؤسسات التربية، بتفعيل دورها في التصدي للشائعات وتوعية الطلاب وأفراد المجتمع بخطرها ووجوب التأكد من الاخبار وتذكيرهم بأوامر الله في سورة الحجرات، بالتأكد من هذه الأخبار حتي لا نندم علي ذلك.
ويجب علينا جميعاً شحن طاقتنا وتطويع كافة الإمكانيات والقدرات المتاحة والتعاون مع الجهات المختصة للحد من انتشار وترديد الشائعات، من خلال وسائل الإعلام وإعداد ندوات للتوعية، ومن خلال المساجد والجمعيات الأهلية والنقابات المهنية.
ويمكن مواجهة الشائعات علي النحو التالي:
1- التثبت والتأكد من صدق الخبر : وهو امر ضروري وقد أمرنا الله سبحانه وتعالي به في سورة الحجرات " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين "، فلا يصح لمؤمن أن ينساق وراء الشائعات دون التأكد من صد هذه الأخبار أو كذبها.
2- إرجاع الأمر إلي أهل العلم والاختصاص : ورجوع الفرد إلي جهة التخصص لمعرفة الحقيقة، احد أهم وسائل التثبت من الأخبار التي نادي بها الشرع " فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ "، فعن طريق الرجوع إلي جهات الاختصاص وأهله يمكننا تلافي مئات الشائعات، والحد من انتشارها.
3- التحذير من ترديد الشائعات بغير علم أو وعي لمخاطرها:
ويمكن فعل ذلك من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، ومن خلال الندوات في الجامعات والمدارس، ويجب تنويه الناس إلي ضرورة التفكير في الشائعات فقد تحمل في مضمونها الكثير من الكذب والافتراء.
4- عدم إتباع الظن وإصدار الأحكام عليه: وسوء الظن هو أحد أوجه إتباع الشائعات وتصديقها دون التأكد من مدي صدقها، وقد نهانا الله عز وجل عن سوء الظن " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ".
5- البعد عن تتبع عورات الناس والشماتة فيهم : فقد نهنا الله عن ذلك " وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ"، فمن الأسلوب الوقائي للشائعات هو التستر والتكتم علي من وقع في الخطأ والأخذ بيده ونصحه لا بفضحه ونشر أمره بين الناس.
6- التوعية بعقوبة مطلقي الشائعات ومروجيها.
7- تضافر جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها لحماية الدولة من الشائعات.
Content created and supplied by: MahmoudTaha_2410 (via Opera News )
تعليقات
MahmoudTaha_2410
01-12 09:44:16الرجاء المتابعة ليصلك كافة المقالات الجديدة