قد صان الإسلام العلاقات بين الأفراد، وحدَّها بسياجٍ يلائم النفسَ البشرية، وسدَّ كل الذرائع التي قد توصل إلى الحرام، والكلام بين الجنسين، وإنشاء علاقة بينهما، من أعظم الوسائل التي قد تجرُّ إلى الوقوع في الحرام، وإن زيَّن الشيطان ذلك في أول الأمر، وأظهره على أنه علاقة بريئة من كل ما يدعو إلى لحرام!! قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[النور: 21].
وقد قال الفقهاء رحمهم الله على المنع من التكلم مع المرأة الشابة؛ خشية الفتنة؛ فقال البهوتي -الحنبلي- في (كشاف القناع): "وإن سلَّم الرجل عليها -أي على الشابَّة- لم تردَّه؛ دفعاً للمفسدة"، وقال العلامة الخادمي -الحنفي- في كتاب (بريقة محمودية): "التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة؛ لأنه مظنة الفتنة". ويدخل في هذا: المحادثة والمكاتبة عبر (الإنترنت)، والمشاركة في مواقع الحوار؛ حيث لا يجوز إقامة علاقات بين الجنسين، وألا يخاطب رجل امرأة، أو امرأة رجلاً إلا لحاجة، وإن كانت ثمَّ حاجة داعية إلى ذلك؛ فلتكن في حدود الأدب والأخلاق؛ قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الاحزاب: 53]، وقال تعالى: {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا} [ الأحزاب 32].
فلا يجوز لهما الخروج عن دائرة آداب الإسلام باستعمال الألفاظ أو التعبيرات المريبة، أو المستكرهة الممقوتة، كما هو شأن كثير من أهل الأهواء والشهوات، ومن أهم ماينبغي التنبيه عليه في هذا: أن يكون هذا الحوار عبر ساحات عامة، يشارك فيها جمع من الناس، وليس حواراً خاصاً بين الرجل والمرأة لا يطلع عليه غيرهما؛ فإن هذا بابٌ من أبواب الفتنة. ومع هذا كله فترك محادثة الرجل على أي حال أبعد عن الفتنة، وأدعى للسلامة؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وكم جرَّت هذه المحادثات بين الجنسين عبر وسائل الاتصال من مفاسد كثيرة، وأدَّت إلى تدمير عفَّة وعفاف كثير من فتيات المسلمين وفتيانهم، وننصحك بالاقتصار على محادثة النساء فيما ينفع، وفق الضوابط الشرعية.
فلا تجوز المحادثة الإلكترونية بين رجل وامرأة كل منهما أجنبي عن الآخر إلا في حدود الضرورة؛ لما فيها من فتح أبواب العبث والشر ومدخل من مداخل الشيطان وذريعة للفتنة والفساد، ولقد امتدح الله المؤمنين بإعراضهم عن هذا فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: 3]، وكذلك لا ينبغي أن ترسل المرأة صورتها لمن لا تعرف صيانة لنفسها.
و,إذا كانت هذه المحادثة الالكترونية بين رجل وامرأة كل منهما أجنبي عن الآخر، فإنها تكون ممنوعة ولا تجوز إلا في حدود الضرورة؛ وذلك لما أثبتته التجارب المتكررة خاصة في عصرنا أن هذا النوع من المحادثات -مع ما فيها من مضيعة الوقت واستهلاك له بلا طائل أو فائدة صحيحة- باب من أبواب العبث والشر، ومدخل من مداخل الشيطان، وذريعة للفتنة والفساد، ولقد امتدح الله المؤمنين بإعراضهم عن هذا فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون : 3]
ونهى سبحانه عن التعاون على الشر، فقال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ﴾ [المائدة : 2]، وأمر بسد الذريعة المؤدية إلى الفتنة فقال سبحانه: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 108]، وكذلك فلا ينبغي أن ترسل المرأة صورتها لمن لا تعرف؛ صيانة لنفسها، وحفظًا لكرامتها وعرضها خاصة، وقد كثرت الاستعمالات الفاسدة لهذه الصور من قبل المنحرفين العابثين، وهى تعد ثقافة مختلفة عما يأمر به الدين.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
Content created and supplied by: SalahMehay (via Opera News )
تعليقات