كان واحدا من زعماء المدينة في الجاهلية والإسلام، وسيد من أشراف بني سلمة، وكان مصاهرًا لعبدالله بن عمرو بن حرام؛ فقد كان زوجًا لأخته: "هند بنت عمرو"، إنه الصحابي عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غُنم بن سلمة الأنصاري السلمي.
وعلى عادة الجاهلين كان الزعماءُ والأشراف يتخذون لأنفسهم صنمًا خاصًّا يعبدونه غير تلك الأصنام التي نُصبت في محافل العامة ويقصِدونها كل حين، وعمرو قد اتخذ لنفسه صنمًا كعادتهم وسماه: "منافًا".
وقد شاء الحق - سبحانه - أن يُسلمَ "معاذ بن عمرو" قبل والده: "عمرو بن الجموح"؛ لذا اتفق الشاب مع صديقه "معاذ بن جبل" أن يجعلا هذا الصنم عبرةً، فتقوم الحجة على عبَّاده بأنه لا يصلح للعبادة، فهو لا يَملك لنفسه نفعًا، فضلاً عن أن يدفع الضرَّ عن عُبَّاده، أو أن يجلبَ لهم نفعًا
ويتوجَّه الشابان في ظلام الليل إلى الصنم "مناف"، فيحملانه؛ لإلقائه في حفرة يَطرح الناس فيها فضلاتِهم.
فإذا لم يجد عمرو الصنم بحث عنه حتى يجده في هذه الحفرة، فيغضب قائلاً: "ويلكم! من عدا على آلهتكم هذه الليلة؟"، ثم يزيل هذه النجاسات عنهن ويُطيِّبه ويضعه في مكانه.
ويكرِّر الشابان فَعْلتهما بالصنم كل ليلة، حتى سئِم عمرو، وجاء بسيف ووضعه في رقبة صنمه الذي يعبده وقال له: "لأني لا أعلم من يفعل بك هذا، فإن كنت تستطيع الدفاع عن نفسك فهذا السيف معك فافعل"، وبالليل جاء الفتيان فأخذا السيف من عنقه ثم أحضرا كلبا ميتا فقرناه به بحبل وألقياه في بئر من الآبار فيها يقضي الناس حاجتهم، حيث لم يكون الناس اتخذوا مكانا لقضاء الحاجة في بيوتهم، وفي الصباح قام عمرو يبحث عنه فلما وجده كذلك، علم أنه لا نفع فيه، فأسلم وحسن إسلامه.
وهنا اقترب منه بعضُ الشرفاء الذين شُرِحت قلوبهم للإسلام، ووازَنوا له بين الإله الحق الذي بيده مقاليد السموات والأرض، وبين آلهة لا تسمعُ ولا تبصر، ولا تغني عن نفسها شيئًا، ولا عن عبَّادِها شيئًا، ولا تدفع عنهم ضرًّا!
وقد أراد الله - تعالى - بعمرو خيرًا؛ إذ إنه أقبل بسمعِه وعقله وقلبه إلى ما يذكره المؤمنون من أدلة تبيِّن أنَّ المعبود بحقٍّ هو الإلهُ الواحد، وأن الأصنام لا تستحق هذا التعظيمَ، ولا تلك العبادة، وعندها طهُر ظاهره وباطنه، وشهِد أن لا إله الا الله، وشهِد أن محمدًا رسولُ الله.
أسلم عمرو، وأسلمت معه جوارحُه لله رب العالمين، وإذا كان عمرو معروفًا بالجُود والسخاء، إلا أن إسلامه زاده جودًا وسخاءً.
حين أسلم عمرو وقف يشكر الله على نعمة الإيمان، فأخذ ينظم الشعر فكتب قصائد جميلة في التوبة وطلب العفو والمغفرة من الله تعالى.
جهاده "رضى الله عنه"
في غزوة بدر، أراد عمرو أن يشارك فيها فمنعه أولاده لأنه كان شيخا كبيرا، فحزن لذلك حزنا شديدا، ولكن ابنه معاذ بن عمرو كان له موقف عظيم ونال شرفا عظيماً في ذلك اليوم، هذا لما ضرب معاذ أبا جهل يوم بدر وقطع قدمه، قام ابنه عكرمة فضرب معاذ على يده فقطعها غير أنها ظلت معلقة بجلدها فظل يقاتل ثم وضعها تحت قدميه وطرحها، ولما علم عمرو بن الجموح ببطولة ابنه وشجاعته وبانتصار المؤمنين وقتلهم أبا جهل فرح فرحا عظيما.
كرمه وجوده
روى البخاري أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أشاد بكرم عمرو بن الجموح وسخائه وجوده.
يوم أُحُد
استشهد عمرو بن الجموح يوم أحد حين أصر على الخروج مع المسلمين في تلك الموقعة، وقد كان له من الأولاد أربعة أبناء يغزون مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وكان عمرو شديد العرج، وطلب إليه أبناؤه ألا يخرج معهم وهم يقولون له "إن الله قد وضع عنك الجهاد، ونحن نكفيك"، فذهب إلى رسول الله يرجوه ويلح عليه أن يأذن له بالخروج معهم لعله يلقى الله شهيدا، وهكذا خرج عمرو للجهاد وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه في ذلك اليوم "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين"، فقام عمرو، وكان يعرج، فقاتل حتى قتل شهيدا هو وابن أخيه ومولى له، ومر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما رآه قال له: "كأني أنظر إليك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة".
وقد كرَّمه المصطفى -عليه السلام- بعد استشهاده فقال: ((انظروا فاجعلوا عبدالله بن عمرو بن حرام، وعمرو بن الجموح في قبر واحدٍ؛ فإنهما كانا في الدنيا متحابَّين متصافِيَين))، وبعد موقعة أحد أصاب قبورَهم سيلٌ جارف، فأراد المسلمون أن ينقُلوا رفاتهم، وكان جابر بن عبدالله بن حرام من جملة الحاضرين، لنقْلِ رفات والده عبدالله وزوجِ عمَّته: عمرو بن الجموح، فوجدوا شهداءَ أُحدٍ: "ليِّنةً أجسادُهم، تتثنَّى أطرافُهم"، ونظر جابر إلى والده وزوجِ عمَّته، فوجدهما كأنهما نائمان، ولا تُفارق الابتسامةُ شفاههما؛ اغتباطًا بلقاء الله.
المصادر
https://www.elbalad.news/1070361
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%85%D8%B1%D9%88_%D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%88%D8%AD
https://www.dar-alifta.org/ar/Viewstatement.aspx?sec=new&ID=7380
https://www.alukah.net/culture/0/42934/
https://www.sahaba.rasoolona.com/Sahaby/22225/%D8%AA%D9%81%D8%B5%D9%8A%D9%84-%D9%85%D8%A7-%D8%B0%D9%83%D8%B1-%D8%B9%D9%86%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%B9%D9%85%D8%B1%D9%88-%D8%A8%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%88%D8%AD-%D8%A8%D9%86-%D8%B2%D9%8A%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%85-%D8%A8%D9%86-%D9%83%D8%B9%D8%A8-%D8%A8%D9%86-%D8%BA%D9%86%D9%85-%D8%A8%D9%86-%D8%B3%D9%84%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A
Content created and supplied by: حسن.٩٩٠ (via Opera News )
تعليقات