بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد ..
فقد قال نبي الإسلام سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلّم: (مِن سعادةِ ابنِ آدمَ: الزوجةُ الصالحةُ، والمَركَبُ الصالِحُ، والمَسكَنُ الواسعُ)، فإن كان الصلاح من صفات المرأة فإنّ ذلك من أسباب إعانة العبد على دينه، كما أنّ الزواج من النعم التي تستحق شكر الله تعالى عليها، كما أنّ عبد الله بن عمرو روى أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (الدُّنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِ الدُّنيا المرأةُ الصَّالحةُ)،والحديث يدلّ على أنّ الحياة الدنيا من المتاع الزائل، إلّا أن الزوجة الصالحة من خير متاعها؛ وذلك لإنّها تحقّق السعادة في الحياة الدنيا، وتُعين زوجها على أمر الحياة الآخرة .
وقال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21]، وعظَّم سبحانه من شأن رابطة الزوجية واصفًا إياها بالميثاق الغليظ؛ فقال جلَّ وعَلَا: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: 21]
فالزواج نعمة من الله تعالى على عباده وقد ذكَّرَهُم بها تبارك وتعالى في معرض الامتنان، وأمر بأن تكون المعاملة بين كلا الزوجين بالمعروف؛ فقال عزَّ وجَلَّ: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: 19].
وحسن العشرة في أثناء الحياة الزوجية يقتضي تبادل الثقة وحسن الظن بين الزوجين، فهذا مما يحصل به المراد من الزواج من أشياء كالسكن والمودة والرحمة بين الزوجين.
حيث أن العلاقة بين الزوجين لا تسير على نسقٍ صحيحٍ إلا بتخلُّق كِلَا الطرفين بالسماحة وغضِّ الطرف عن الهفوات، التي يمكن لها أن تكدر العلاقة بين الزوجين .
وأن ما يعتري بعضَ الأزواج من حالات الغيرة الزائدة والشك المفرط وقلة الثقة في شريك الحياة دون مبررٍ حقيقيٍّ، مما يدفعه إلى التجسسِ على شريك حياته سواء على المكالمات الهاتفية أو التفتيشِ في مراسلاته ومحادثاته الإلكترونية وأجهزة الاتصال الخاصة به يُعد سلوكًا سيـئًا بين الزوجين، وتعدِّيًا على للحُرُمات، ومسلكًا يسلك به للشيطان طريقاً يبتغي منه التفريق بين الزوجين، ويشمل هذا السلوك عدة منهيات ومحظورات شرعية، جميعها حرام شرعاً.
ومن هذه المنهيات سوء الظن وهو التهمة والتخون في غير محله، وهذا محرمٌ شرعًا، حيث قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ [الحجرات: 12].
ويقول الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" عن هذا الأمر: يقول تعالى ناهيًا عباده المؤمنين عن كثيرٍ من الظن، وهو التهمةُ والتَّخَوُّنُ للأهل والأقارب والناس في غير محله، لأن بعض ذلك يكون إثمًا محضًا، فليُجتَنَب كثيرٌ منه احتياطًا، وروينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "ولا تَظُنَّنَّ بكلمةٍ خَرَجَت مِن أخيك المسلم إلا خيرًا وأنت تجد لها في الخير محملًا"
وإضافة إلى أن هذا الأمر يعتبر سوء ظن وتخونا فإنه أيضاً يعتبر تَتَبُّعُ لعورات الناس وعيوبهم بالبحث عنها والخوض فيها، وقد شدد الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في التنبيه على خطورة هذا الأمر والتنقيب عن عوراتهم، وأن من يستهين بذلك فهو يسعى لهتك الستر عن نفسه، فيفضحه الله تعالى ولو كان في جوف بيته.
وقد جاء في الحديث عن ثوبان رضي الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تُؤْذُوا عِبَادَ اللهِ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلاَ تَطْلُبُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ طَلَبَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ طَلَبَ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ» رواه أحمد.
كما يعتبر هذا الأمر المنهي عنه أيضاً من التجسس، وقد حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك، ففي الحديث عن أبي هريرة -رضى الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا» متفقٌ عليه.
وهناك فرق بين معنى التحسس والتجسس الوارد النهيُ عنهما في الحديث الشريف: فالتحسس هو الاستماع للحديث، والتجسس هو البحث عن العورات. وقيل: هما بمعنًى واحدٍ، وهو طلب معرفة الأخبار الغائبة والأحوال.
وكما أن التجسس محرماً بين الناس، فإنه بين الزوجين أشد تحريمًا؛ لعِظَم وقداسة عقد النكاح؛ قال تعالى: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: 21]،
وأضافت دار الإفتاء أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حذر من أن يفاجيء المسافرُ زوجتَهُ بدخوله عليها راجعًا من سفره دون سابقِ خبر وإنما أُمِرَ المسلمُ بإنباء أهله قبل قدومه عليهم لِئَلَّا يحمله ذلك على التخوين وسوء الظن بهم وتتبع عوراتهم، فروى مسلمٌ في "صحيحه" عن جابرٍ رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ". والطُّرُوق بالضم: المجيء بالليل مِن سفرٍ أو من غيره على غفلة.
وقد تم الربط بين النهيِ من قِبل بعض الشافعية عن طرق الأهل ليلًا بغتةً والمنعِ من التجسس وسوء الظن، على اعتبار أن تعمد المباغتة في هذا المقام يُنبئُ عن سوء الظن.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
إذا أتممت القراءه صل علي خير خلق الله سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام
المصدر من هنا .
Content created and supplied by: Mahmoudsayed77 (via Opera News )
تعليقات