سأل سائل أمين الإفتاء الأسبق بالأزهر الشريف؛ المرحوم الشيخ عطية صقر سؤال جاء فيه:
هل كان علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم مسبحة أم أن السنة هو التسبيح علي الأيدي؟ وما حكم التسبيح علي المسبحة؟
فأجاب الشيخ عطية صقر علي هذا السؤال بقوله:
جاء الإسلام فأمر بذكر الله كما أمر بكافة العبادات والقروبات والطاعات؛ وإذا كان الأمر بالذكر قد ورد مطلقا بدون حصر في عدد معين أو حالة خاصة؛ فلم يرد في الإسلام وسيلة معينة في الذكر يجب علينا التزامها وعدم جواز غيرها؛ وترك الإسلام هذا الأمر للناس وفقا لعاداتهم وأعرافهم؛ وذلك لإن دين الإسلام لا يمنع من إلا الأمر الذي يتعارض مع ما جاء به.
والمأثور أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يعقد التسبيح بيده (كما رواه أبو داود والترمذي). وأرشد النبي أصحابه إلي استعمال الأنامل عند ذلك. وقد روي أبو داود والترمذي والحاكم عن "بسرة" وقد كانت من المهاجرات؛ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس ولا تغفلن فتنسين التوحيد واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات.
غير أن الأمر بالعد علي الأصابع ليس علي سبيل الحصر؛ بحيث أن يمنع العد بغيرها، صحيح أن العد بالأصابع فيه اقتداء بفعل النبي صلي الله عليه وسلم؛ لكن هو نفسه لم يمنع العد بغيرها؛ بل أقره وإقراره من أدلة المشروعية؛ فقد جاء عن صفية رضي الله عنها أنها قالت: دخل عليّ رسول الله وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بهن. فقال لها ما هذا يا بنت حيي؟ فقالت: أسبح بهن. فقال: قد سبحت منذ قمت أكثر من هذا. قلت: علمني يا رسول الله. قال: قولي سبحان الله عدد ما خلق من شيء. (والحديث صحيح).
وبجانب الإقرار بهذا العمل من جانب النبي صلي الله عليه وسلم وعدم الإنكار عليه؛ اتخذ عدد من الصحابة والسلف الصالح النوي والحصي وعقد الخيط وغير ذلك وسيلة لضبط العدد في التسبيح ولم يثبت إنكارا عليهم. ففي مسند أحمد في كتاب الزهد أن أبا صفية وهو رجل من الصحابة كان يسبح بالحصي، وكان أبو هريرة له كيس فيه حصي أو نوي يجلس علي السرير فيسبح. وأخرج أحمد أيضا في كتاب الزهد أن أبا الدرداء كان له نوي (من نوي العجوة) في كيس؛ فإذا صلي الصبح أخرجهن واحدة واحدة يسبح بهن. وكذلك ثبت أن سعد ابن أبي وقاص وأبو سعيد الخدري كان يسبحان بالحصي أو النوي.
قال الشيخ عطية: وبناء علي هذه الأخبار لم تكن المسبحة المعهودة لنا معروفة عند المسلمين حتي أوائل القرن الثاني الهجري؛ وعندما أشيع استخدامها بين المسلمين استعملها العامة دون العلماء الذين لم يستحسنونها؛ وبقي استعمالها بين المسلمين بين راضي عنها وكاره لها حتي جاء القرن الخامس؛ ولم يصح في نفيها خبرا عن النبي صلي الله عليه وسلم ولم ينقل خبر عن أحد من السلف أو الخلف المنع بعد التسبيح باستخدام المسبحة ولا يعدون ذلك مكروها.
وبناء علي ما سبق ذكره يكون التسبيح بغير عقد الأصابع مشروعا؛ ولكن أيهما أفضل؟
جاء في كتاب للسيوطي قال بعض العلماء أن عقد التسبيح بالأنامل أفضل من المسبحة. وقيل: أن المسبح إن أمن الغلط كان عقده بالأنامل أفضل وإلا فالمسبحة أولي. والسنة أن يكون التسبيح باليمين كما فعل الرسول صلي الله عليه وسلم، وجاء ذلك في رواية لأبي دواد وغيره. وأضاف الشيخ عطية: أن النبي صلي الله عليه وسلم عندما قال: واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات. فإنه لا يحرك حبات السبحة في يد الإنسان إلا الأنامل؛ وعليه فإنها ستسأل وتستنطق عند الله لتشهد بأنه كان يسبح بها.
وقال الشيخ عطية: أنه لا يجوز التوسع في اطلاق اسم البدعة علي كل ما لم يكن معروفا في أيام النبي صلي الله عليه وسلم؛ وأن لا يسمح بجدل عقيم حول المسبحة قد يضر؛ والأهم من ذلك هو الإخلاص في الذكر ولا تضر بعد ذلك وسيلته والله تعالي ينظر إلي القلوب كما صح في الحديث.
والله تعالي أعلي وأعلم.
Content created and supplied by: ismael_moursy (via Opera News )
تعليقات
فاطمةمغازي
03-18 16:20:48كمان ايه السبح الجميلة دي؟!!
فاطمةمغازي
03-18 16:17:33مرة أحدهم قال لي لماذا تسبحين علي اليد اليمين فقط.. سبحي أيضا علي الشمال لأنها ستسأل أيضا