كتب : معاوية الذهبي .
هي راقصة جميلة جداً، نموذج للجمال العربي، تملك أعين نجلاء وملامح مصرية أصيلة، عندما ترقص يُدوي التصفيق كالعاصفة، يقذفون عليها بباقات الزهور، وتتهاطل عليها بطاقات المعجبين الأثرياء، تتنقل كالملكة التي يصحبها بلاطها، رقصت أمام هتلر فاحتلت مكانة كبيرة في قلبه وشغفته حباً، هكذا وصفت كتب التاريخ والجاسوسية، الراقصة حكمت فهمي، التي تجسست لصالح الألمان في الحرب العالمية الثانية، ونجحت في مساعدة أكفأ ضباط مصر، ومن بينهم الرئيس الراحل أنور السادات .
بداية الحكاية .
حين اشتعلت الحرب العالمية الثانية، كان ثعلب الصحراء الألماني "روميل" يقترب من العالمين قرب الإسكندرية، وكانت المظاهرات في شوارع القاهرة تهتف" إلى الأمام يا روميل"، في الفترة ذاتها كانت حكمت فهمي تتربع على عرش الرقص الشرقي، وكان مقدراً لها أن تلعب دورا مخابراتيا كبيراً، مع جاسوسيين ألمانيين في القاهرة، هما "هانز أبلر" و"مونكاسترو ساندي"، لتوفير المعلومات المهمة التي يحتاجها روميل في معركته الحاسمة ضد جيوش الحلفاء في الشرق الأوسط .
اختيار الألمان وقع على حكمت فهمي بعد أن رقصت في إحدى حفلات فيينا أمام هتلر وعدد من ضباطه، فسلبت فؤاد الزعيم النازي، الذي سأل عنها فأخبروه أنها أجمل راقصة في الشرق، ليتم بعد ذلك اتخاذ القرار على أعلى المستويات لتجنيد الراقصة الفاتنة .
ليالي المخابرات في فيينا .
حين كانت حكمت فهمي ترقص في أحد أكبر ملاهي الرقص في فيينا، التقت شاباً ظلَّ يطاردها يومين متتاليين، قدم نفسه إليها على أنه طالب مصري يدرس في ألمانيا واسمه "حسين جعفر"، ثم دعاها إلى تناول الغداء في أحد الملاهي فقبلت دعوته واتفقا على اللقاء، لكن هتلر اجتاح النمسا بجيوشه في اليوم التالي، ما حال دون وقوع اللقاء بعد إجلاء حكمت إلى مصر .
وبعد أشهر من عودة إلى القاهرة، ولما كانت حكمت فهمي تجلس رفقة أسمهان، ربت شاب على كتفها فاستدارت لتجد حسام جعفر، الذي عرفت فيما بعد أنه جاسوسا ألمانياً .
حكمت الجاسوسة .
بعد ان نجح الجاسوس الألماني بتوثيق علاقته بحكمت، اعترفت لها أنه جاسوس ألماني يدعي "إبلر" مستغلا كرهها للإنجليز بسبب احتلالهم لمصر، وهو ما سهل على إبلر مهمة تجنيدها للعمل ضد الإنجليز .
وخلال فترة قصيرة، باتت حكمة العميل الأول بنقل أخبار الإنجليز، حيث استغلت علاقتها الطيبة مع الضباط البريطانيين للحصول على معلومات خطيرة للغاية، بينها انتقال عناصر من الجيش البريطاني من سوريا وفلسطين إلى مصر، ووصول مئة ألف لغم إلى جبهة العلمين، وانتقال الفرقة النيوزيلندية تحت قيادة الجنرال "فريبريك" إلى مرسى مطروح، وتخدير الرائد الإنجليزي "سميث"، ومساعدة "إبلر" على سرقة أوراق غاية في السرية، كانت موجودة في حقيبة الرائد، وتتضمن تفاصيل تعزيزات بريطانية للمعركة ضد روميل .
حكمت والسادات .
يبقى واحداً من أهم إنجازات حكمت في عالم الجاسوسية، العمل مع الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات، لصالح المخابرات الألمانية، حيث كان السادات من الكارهين لبقاء الإنجليز بمصر، ويسعى لطردهم من البلاد بأية وسيلة ممكنة، فكانت حكمت حلقة الوصل بينهما، خاصة عندما عمل السادات، الذي كان ضابط إشارة وقتها، على إصلاح وتطوير جهاز لا سلكي، وذلك لتمكين الجاسوسين الألمانيين على نقل المعلومات لروميل، لكن إلقاء القبض على جاسوسيين ألمانيين آخرين، وعلاقة "إبلر" مع راقصة مصرية تُدعى "ايبت" ساق المخابرات الريطانية للقبض على إبلر وساندي، ومن ثم إلى حكمت فهمي والسادات .
في معتقل النساء .
في التحقيقات أنكرت حكمت معرفتها أو لقاءها إبلر ومونكاستر، ثم قالت إنها تعرف حسين جعفر وساندي، ولم تعرف أنهما ألمانيان، التكتيك نفسه الذي عمل به السادات، حيث قال أنه قد طوَّر جهاز اللاسلكي لأنه ظنَّ أن الجاسوسيين هما ضابطان إنجليزيان .
خرج السادات من السجن لاحقاً، بعد أمر من الملك فاروق، وأضربت حكمت فهمي عن الطعام لمدة أسبوع في سبتمبر عام 1942، وعندما ساءت حالتها نُقلت إلى مستشفى الدمرداش للعلاج، وصدرت الأوامر بنقلها إلى معتقل النساء في المنصورة، لتخرج بعدها منهارة الصحة، ذابلة الملامح ومحطمة كانها عجوز في سن الشباب .
المصادر :
https://www.yabeyrouth.com/6008-أغرب-قضية-جاسوسية-أبطالها-رئيس-مصري-وأ
https://ar.wikipedia.org/wiki/حكمت_فهمي
https://www.youm7.com/story/2017/8/13/سعيد-الشحات-يكتب-ذات-يوم-13-أغسطس-1942-اعتقال-عزيز/3364929
https://www.almasryalyoum.com/news/details/1151242
https://www.youm7.com/story/2015/4/9/حكمت-فهمى-رقصت-أمام-هتلر-وملوك-أوروبا-وثأرت-لمصر-من/2134165
Content created and supplied by: Moawiaeldahaby (via Opera News )
تعليقات