كتب : معاوية الذهبي .
ببنطال أسود وقميص أزرق وشعر أسود يصل للكتفين، وقفت تحمل رشاشاً في مطار" ليد" العسكري الإسرائيلي، ووأطلقت النار على أقوى كتيبة إسرايلية آنذاك، أبرز مجنديها تحولوا لاحقا لقادة إسرائيل، إنها واحدة من زهرات النضال الفلسطيني" تريزا هيلسة" .
والدها كان أردني مسيحي، ووالدتها فلسطينية مسيحية، وهي تعرف نفسها بكونها ثائرة، بينما يراها العالم مقومة ومناضلة، ولدت في شمال فلسطين عام 1954، تحديداً في مدينة عكا، وينحدر من مدينة الكرك جنوب الأردن، ولكنه رحل إلى فلسطين عام 1946، واستقر هنالك مع زوجته نادية حنا، وتريزا هي الابنة الثالثة في الترتيب بين إخوتها، كان أول ما فتحت عليها عينيها هي مشاهد الاحتلال لأرضها ولأبناء شعبها .
لاحقاً وأثناء فترة مراهقتها، تعرضت لحادثة غيرت مسار حياة هيلسة إلى الأبد، فحين كانت في الثالثة عشرة من عمرها، ألقت إسرائيل القبض على مجموعة مقاومين عُرفت بمجموعة عكا، فقتلت أحد أعضائها ومثلت بجثته ليظل هذا المشهد عالقاً بذاكرة تريزا، وهو ما دفعها لأخذ خطوة تقترب من الجنون بالنسبة لفتاة في عمرها، حين قررت عبور الحدود الفلسطينية اللبنانية عام 1970 والالتحاق بصفوف المقاومة الفلسطينية التي كانت تعسكر بلبنان آنذاك .
وحين وصلت ظنها المقاومون الفلسطينيون جاسوسة إسرائيلية، ولكنها أصرت على إقناعهم أنها شابة فلسطينية ترغب بالانتقام من الاحتلال، وتمكنت من ذلك فمكثت شهور تتلقى التدريبات في انتظار أن تأتي اللحظة التي قطعت كل تلك المسافة من أجلها، وهي الاشتباك مع العدو وجهاً لوجه .
وفي عام 1972 كان لتريزاا ما أرادت، حين كلفتها القيادة الفلسطينية بتنفيذ عملية تقضي باختطاف طائرة إسرائيلية برفقة اثنين من رجال المقاومة وفتاة أخرى، وهم على طه وزكريا الأطرش وريما عيسى .
الطائرة كانت تسمى "سابينا" وغالبية ركابها يحملون الجنسية الإسرائيلية بجوازات سفر مزورة، وغادرت تريزا ورفقائها إلى روما، ومن روما إلى بلجيكا، ثم إلى إسرائيل، وهناك تمكنت المحموعة في مايو عام 1972 من تغيير مسار الطائرة وإنزالها إلى مطار الليد العسكري، لم يصوب الفدائيون بنادقهم للركاب المدنيين فالهدف المُعلن للعملية كان مبادلتهم بـ 200 أسير فلسطيني، بينما الهدف الحقيقيى كان لفت أنظار العالم للفلسطينين وقضيتهم .
رفض الإسرائيليون مطالب الخاطفين المعلنة وقرروا بدل ذلك تنفيذ عملية عسكرية لتحرير ركاب الطائرة، وقررت هيئة الأركان العامة في جيش الاحتلال تفعيل الوحدة المختارة المسماة " وحدة مطكال"، وشارك في العملية رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، والحالي بنيامين نتنياهو، والجنرال المتقاعد عذري ديان، ورئيس الموساد السابق داني ياتوم، والذين تمكنوا من دخول المطار مُتخفين داخل سيارة إسعاف الصليب الأحمر، كما استطاعوا قتل ثلاثة من الفدائيين ومواطنة إسرائيلية .
أما تريزا قائدة العملية فأصيبت بعيارين ناريين وطعنها احد جنود الاحتلال في كتفها، قبل أن تصيب هي الأخرى من الجانب الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأُلقي القبض عليها فأودعت سجن الرملة للنساء بعد أن حُكم عليها بـ 220 سنة .
وقضت هيلسة في سجون إسرائيل 12 عاماً لتخرج في العام 1983 في صفقة تبادل أسرى، وتغادر لتونس ثم الجزائر ثم عادت للأردن لتكمل حياتها مع أبنائها الثلاثة دون أن يُسمح لها بزيارة أهلها في فلسطين المحتلة من قبل سلطات الاحتلال، التي تفرض حظراً على قدومها الأراضي الفلسطينية .
وفي كل مرة تتذكر تريزا أيامها مع المقاومة لا يخطر ببالها سوى أنها حاولت مع رفاقها تقديم ما تقدر عليه دعماً للقضية التي آمنت بها .
المصادر :
https://ar.wikipedia.org/wiki/تيريز_هلسة
https://www.ida2at.com/tereza-halasa-bullets-shoulder-netanyahu/
https://hadfnews.ps/post/66733/رحلت-اليوم-من-هي-المناضلة-تيريزا-هلسة
https://www.radionisaa.ps/article/14443/خطفت-طائرة-في-عمر-الـ-18-من-هي-تيريزا-هلسة؟
https://www.aljaml.com/node/166555
https://www.youtube.com/watch?v=SrKLRCbMz3Y&list=TLPQMDkwMjIwMjHmdRUYvEhzwA&index=4
Content created and supplied by: Moawiaeldahaby (via Opera News )
تعليقات