كتب : معاوية الذهبي .
طبيب مصري أنقذ عائلة يهودية من هتلر فلاحقته إسرائيل قرابة ثلاثين عاماً، لتنجح في النهاية بتكريمه بعد وفاته، إنه الطبيب المصري محمد حلمي، الذي ولد في الخامش والعشرين من يناير عام 1901 وذلك في العاصمة السودانية الخرطوم، التي كانت تابعة لمصر حينها، كان والده ضابطاً بالجيش المصري وعمل في السودان، أكمل محمد دراسته في الخرطوم حتى تخرج من الثانوية والتحق بكلية الطب، وبعدها بسنوات سافر رفقة عدد من أصدقائه إلى ألمانيا، وذلك بهدف إكمال دراسته هناك .
وصل حلمي لألمانيا مع نهاية الحرب العالمية الأولي، وكانت تلك السنوات تحمل معها صعود الحزب النازي للحكم بقيادة هتلر، الذي سيغير وجه القارة للأبد، وسيرتكب أفظع المجازر في ألمانيا، ومن هنا كانت بداية قصة الطبيب الشهير .
سجيناً في ألمانيا .
عقب تخرجه من كلية الطب في ألمانيا، اتجه حلمي للعمل في معهد "روبرت كوخ" الشهير ، تزامن ذلك مع صعود الحزب النازي بقيادة هتلر، الذي أعلن تفوق العرق الآري في البلاد، فاعتبر حلمي وقتها من العرق الحامي، ليُطرد بعدها من عمله عام 1938 بقرار من الحكومة النازية، كما تم منعه من العمل في أي مشفى .
وخلال تلك الفترة وقع حلمي في حب فتاة ألمانية تُدعي "فريدا سترومان"ل لكنه مُنع من الزواج منها بسبب الحكم النازي، ما زاد من غضبه ضدهم، فبدأ بانتقد حكم هتلر بشكل علني، حتى ألقي القبض عليه عام 1939 مع عدد من أصدقائه منهم مصريين، لكن أُطلق سراحه بعد مدة بسبب مشاكل صحية عانى منها في محبسه، وبخروجه من السجن بدأت قصة حلمي التي ستبقى حاضرة للأبد، وستكلف إسرائيل سنوات طويلة من البحث .
مُنقذ اليهود .
مع انطلاق الحرب العالمية الثانية وبداية مجازر النازية بحق اليهود، قام حلمي بعلاج عدد كبير منهم في عيادته، ومن بينهم عائلة "آنابروس" التي تحول اسمها فيما بعد لـ "جوتمان" وكانت هي وعائلتها من أصدقاء حلمي، لتطلب منه إخفاءها في أي مكان، وبالعل قام حلمي بوضعها في كوخ كان يملكه، في حي جوخ بمدينة برلين، ورغم ملاحقة الشرطة النازية له، كان يؤمن له مأوى آخر أوقات التحقيق معه، حيث يرسلها إلى أحد اصدقائه في أماكن مختلفة، ويُقدمها لهم على أنها ابنة عمه، وقادمة بزيارة من مدينة "ديرسدن" الألمانية، ثم يعيدها إلى كوخه لتكون بأمان، واستمر حلمي على هذا الحال حتى انتهاء المعارك، مع استمراره بعلاج عائلتها وعدد من العائلات والأسر الأخرى، وفي النهاية ساعدهم على الحصول على أوراق ثبوتية جديدة مكنتهم من السفر للولايات المتحدة الأمريكية، بعد معاناة طويلة كان بطلها الدكتور حلمي .
تكريم المُنقذ .
مع نهاية الحرب أسست "جوتمان" عائلة لها في أمريكا، وباتوا من الأصدقاء المقربين لحلمي، الذي تزوج من حبيبته الألمانية، لكنه لم يرزق بأبناء أبداً، فتوفي حلمي عام 1982 ثم توفيت الزوجة عام 1998 .
ومع حلول عام 2013 أعلن مركز "إيلياد فاشيم" الإسرائيلي، اعتبار الطبيب المصري محمد حلمي واحداً من الشرفاء بين الأمم، وأنه يستحق الحصول على تلك الميدالية لتبدأ عملية البحث عن أحد من أقاربه بهدف تسلم الميدالية وتكريمه .
وبالفعل، وبعد بحث طويل، تمكنت عبر السفارة الإسرائيلية في مصر من الوصول لأحد أقاربه، وكان ابن خالته، الذي بدوره أخبر العائلة برغبة إسرائيل بتكريمه، لكن الأسرة المصرية قد رفضت الأمر بشكل كامل، وهو ما دفع بإسرائيل للبحث عن قريب له، لتتمكن عام 2017 من الوصول لحفيد شقيقته، والذي كان مُقيما في ألمانيا، ليوافق على تسلم الميدالية بشرط تسلمها بمكان مُحايد، على الرغم من طلب إسرائيل إقامه اللقاء في سفارتها ببرلين، لتُجبر في النهاية على إقامة الحفل بمقر وزارة الخارجية الألمانيةن وليتم بذلك تكريم محمد حلمي وزوجته بعد أكثر من ثلاثين عاماً على وفاته، حيث أُطلق عليه حينها "طبيب الإنسانية" .
المصادر :
https://www.dw.com/ar/مصري-ضمن-المنصفين-بين-الأمم-لإنقاذه-يهودا-من-المحرقة/a-17271533
https://www.dw.com/ar/إسرائيل-تكرم-طبيباً-مصرياً-أنقذ-يهودية-من-المحرقة/a-41112587
https://www.france24.com/ar/20171026-مصر-ألمانيا-المحرقة-النازية-طبيب-مصري-شرفاء-الأمم-محمد-حلمي
https://gate.ahram.org.eg/News/401113.aspx
https://www.youtube.com/watch?v=9FCeoIrlqYU&list=TLPQMDgwMjIwMjEfpFGwhFXi4A&index=5
Content created and supplied by: Moawiaeldahaby (via Opera News )
تعليقات