كتب : معاوية الذهبي .
فتاة حملت من القوة والجبروت ما جعلها تؤرق رئيس الجمهورية وتقلقه، حينما طلب الرئيس السادات من المخابرات المصرية ضبط فتاة المعادي حية أو ميتة، هي هبة عبد الرحمن حسن سليم عامر، أول جاسوسة عربية استغلت أيديولوجيا وعملت لصالح الموساد، ليس لأجل المال أو الجاه، بل أغراها الوهم الصهيوني فباعت الوطن .
بكت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل السابقة حزنا عندما سمعت بوفاة هبة، التي قالت بأنها قدمت لإسرائيل أكثر مما قدم زعماء وقادة جيشها، وعندما جاء هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا يرجو السادات أن يخفف الحكم عليها، وكانت هبة في زنزانتها الانفرادية لا تعلم أن نهايتها قد حانت بزيارة وزير الخارجية الأمريكي، حيث تنبه السادات فجأة إلى أنها قد تصبح عقبة كبيرة في طريق السلام، فأمر بإعدامها فورًا، ولم يكشف عن إعدامها إلا لاحقا، ليسدل الستار على قصة الجاسوسة.
قال السفير فخري عثمان، سفير مصر في ليبيا آنذاك، أن الرئيس أنور السادات عندما استدعى حسن عبد الغني ومحمد رفعت جبريل أكفأ رجال جهاز المخابرات المصرية في لك الوقت، ومنحهما سلطات رئيس الجمهورية وطلب منهما القبض على هبة سليم حية أو ميتة .
الثعلب المصري .
قاد عملية القبض على هبة، الضابط محمد رفعت إبراهيم عثمان جبريل، الذي عُرف في أوساط المخابرات العامة المصرية بلقب الثعلب، ورصدت إسرائيل مليوني دولار مقابل رأسه، خاصة بعد نجاحه في القبض على باروخ ميزاحي، وزرع رفعت الجمَّال وكشف تعاون بعض الدول الأوروبية، التي ادعت صداقتها مع مصر، مع إسرائيل.
وقاد التحقيقات معها اللواء محمد رشدي، والذي عرف منها على مدى سبعين يوما كيف صعدت إلى الهاوية، ويرى البعض أن هبة لم تكن ذات أهمية لولا أن قامت بتجنيد الضابط فاروق الفقي، الذي شغل منصبا هاما مكَّنه من حضور اجتماعات غرفة العمليات الخاصة بحرب أكتوبر، ولولا القبض عليه لعرفت إسرائيل بميعاد وتوقيت حرب اكتوبر .
في شقة صديقتها .
بعد أن التحقت هبة بقسم اللغة الفرنسية، بكلية الآداب جامعة عين شمس، ساعدها رئيس القسم الفرنسي الجنسية في السفر إلى جامعة السوربون في فرنسا، واختلطت بفتيات وشباب يهود أوهموها بعظمة وديموقراطية إسرائيل وحبها للسلام وتخلف الشعوب العربية وضعفها، وهو الكلام الذي لاقى هوى في نقس هبة ، التي كانت بطبيعتا تميل إلى التحرر والخروج عن العادات والتقاليد العربية .
في شقة صديفتها التقت هبة بضابط الموساد الإسرائيلي، وبدأت بالعمل لصالحه، وقد كان يخطط لاستخدامها في استمالة الشعب العربي الدارس في فرنسا، ثم طلب منها ضابط المخابرات الصهيوني المسؤول عنها أن تدون معارفها، وبالفعل عادت هبة إلى مصر في زيارة هدفها الرئيسي البحث عن فاروق الفقي وتجنيده باستغلال حبه الشديد لها، وقد كان .
بعد خطبتهما وثقافتها وتحررها الكبيرين لم يجد ما يتباهى به أمامها سوى أن يتحدث عما يصله يوميا من الأخبار العسكرية التي تصل إليه، والتي تحمل دائما كلمة سري للغاية، بالإضافة إلى إحضار الخرائط وشرحها لها تفصيليا .
هبة في إسرائيل .
سافرت هبة إلى باريس مرة أخرى، تحمل بحقيبتها عدة صفحات دونت بها معلومات سرية غاية في الأهمية، للدرجة التي حيرت المخابرات الإسرائيلية، فماذا سيقدمون من مكافآت للفتاة الصديقة؟، سؤال كانت إجابته عشرة آلاف فرنك فرنسي رفضتها هبة بشدة، وقبلت فقط بالعود إلى القاهرة على نفقة الموساد، بعد إاقامتها بباريس لثلاثة أشهر على نفقة الموساد .
عرض ضابط الموساد على هبة زيارة إسرائيل، وكانت في غاية السعادة، فلم تكن لتصدق أنها مهمة إلى هذه الدرجة، ووصفت هي نفسها في تلك المرحلة، وقال إن طائرتان حربيتان رافقتا طائرتها كحرس شرف وتحية لها، وهذه إجراءات لتكريم رؤساء وملوك الدول الزائرين .
بعد التأكد من كون هبة سليم جاسوسة للموساد تم وضع خطة للقبض عليها، وهنا يأتي دور السفير ورجل المخابرات فخري عثمان، الذي عرف هبة سليم منذ أن كان يعمل بالسفارة المصرية في باريس، وكان معجبا بذكائها، حيث أخبر كل من اللواء حسن عبد الغني ن عبد الرحمن سليم عامر، والد هبة، هو نقطة ضعفها الأكبر، وكان في ذلك الوقت يشغل منصبا كبيرا في مجال التعليم بطرابلس في ليبيا .
خطة مُحكمة .
وبالفعل وضع رفعت جبريل خطة للقبض على هبة، فذهب كل من اللواء حسن عبد الغني ورفعت جبريل لوالد هبة وعرفاه بشخصيتهما وشرحا له أن ابنته هبة التي تدرس في باريس قد تورطت في عملية اختطاف طائرة مع منظمة فلسطينية، وأن الشرطة الفرنسية على وشك القبض عليها، وما يهم هو ضرورة هروبها من فرنسا لعدم توريطها أو الزج باسم مصر في مثل هذه العمليات الإرهابية .
طلب الضابطان من والد هبة أن يساعدهما بأن يطالبها بالحضور لرؤيته وأنه مصاب بذبحة صدرية، واستعانت المخابرات بالسفير المصري فخري عثمان، وأرسل والد هبة برقية عاجلة لابنته يخبرها بمرضه ويطلب رؤيتها، وهو ما أخبرها به أيضا السفير فخري عثمان وأكد على ضرورة حضورها، وبالطبع رفض الضابط المسؤول عنها طلبها فجاء الرد سريعاً ببرقية طلبت منه أن يغادر طرابلس إلى باريس، حيث حجزت له في اكبر المستشفيات هناك، وذكرت أنه ستنتظره بسيارة إسعاف في المطار، وأن جميع الترتيبات للمحافظة على صحته قد تم اتخاذها، بعدما أرسل والد هبة ردا بصعوبة السفر إلى باريس لتردي حالته الصحية .
ووقع ما توقعه الضابطان المصريان، فقد حضر شخصان من باريس، أحدهما طبيب لبناني للتأكد من صحة البرقية وخطورة المرض، وبعد التأكد اتصلا في الحال بالفتاة والضابط المسؤول عنها، لتستقل هبة الطائرة، التي حجزت عليها في العودة في نفس اليوم، من باريس إلى روما ومن ثم إلى ليبيا لتضليل مَن يراقبها .
ليلة السقوط .
وفي مطار ليبيا حاول الموساد مساعدة هبة على الخروج من الطائرة في حماية قوات الأمن الليبية، عندما أبلغت بفقد خاتمها السوليتير في الطائرة، الأمر الذي يستدعي تحرير محضر بالواقعة، بعد صعود قوات الأمن على متن الطائرة، وهنا قام السفير فخري عثمان بالصعود إلى الطائرة وطمأنتها لسابق معرفتها به، ثم نزل معها إلى قاعة كبار الزوار بصالة الوصول في المطار .
عندها قام المدير الإقليمي بشركة مصر للطيران بسحب طائرة الشركة التي سوف تستقلها هبة سليم، والتي تم تأخير إقلاعها لمدة نصف ساعةن وتم تخفيف الإضاءة بالمطار وتقليل حركة الأتوبيسات الخاصة بنقل الركاب على الممرات، ليتم نقل هبة إلى الطائرة دون أن يراها أحد .
كان في انتظار هبة عند سلم الطائرة حسن عبد الغني والثعلب رفعت جبريل، وما إن عرفها الأخير بنفسه حتى أوشكت على السقوط، لكنهما حملاها إلى الطائرة، وأودعت هبة سليم في المخابرات العامة، وقام اللواء محمد رشدي باستجوابها لمدة سبعين يوما، ثم حوكمت محاكمة عسكرية وحُكم عليها بالإعدام شنقا .
حاولت رئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير الضغط على مصر للإفراج عن هبة بسبب ما قدمته لإسرائيل من خدمات جليلة تتمثل في سبعين بالمثة من معلومات غاية في السرية عن الحرب والتسليح، واعترف فاروق الفقي بخيانته فور رؤيته لنائب رئيس المخابرات الحربية في مكتبه، وخلا التحقيقات أبدى ندمه الشديد على ما قام به، خاصة بعدما عرف كم الخسائر التي كان السبب فيها .
المصادر :
https://www.youtube.com/watch?v=MIukCdgw8ro&list=TLPQMDEwNDIwMjFCUGUj9c9boQ&index=2
https://www.filfan.com/news/123887
https://www.almasryalyoum.com/news/details/533238
https://www.elbalad.news/4618381
https://www.youm7.com/Tags/Index?id=1561146&tag=هبة-سليم
Content created and supplied by: Moawiaeldahaby (via Opera News )
تعليقات
GUEST_pMR643gzW
04-02 10:14:48هذا الخائن العميل الظابط الذي كان يرسل إليها المعلومات هو خال المذيع المعفن توفيق عكاشه ذريه بعضها من بعض