يشتد عود أزمة السد يوما بعد يوم بفعل سياسات النظام الإثيوبى الذى يتجه بنظرية التعمد نحو وضع العصا بعجلة الحل التفاوضى،وسط زخم دبلوماسى مصرى لإبقاء فرص الحل قائمة فى وقت تسعى أديس أبابا لغلق هذا الباب، لاستدراج القاهرة من الباب الخلفى حيث يمكث معسكر الشر متربصا هناك ،ومن ثم وقع اختيار الدولة المصرية على هذا المسار الوعر لتحقيق نتائج إيجابية لصالح قضية المياه الوجودية للشعب المصري،مما يشى بمسئولية حقيقية ملقاة على عاتق النظام المصرى لأنه يتعامل مع هذا الملف باستراتيجية واقعية،بخلاف نظام أبي أحمد الذى يتناول تلك القضية من بوابة حق الانتفاع السياسى الذى يرى فى وسيلة التعنت فرصة لكى يعطى نفسه ميزة التناطح والندية ضد القاهرة.
فإثيوبيا بدأت تفقد عقلها السياسى عبر إحداث نوع من الحراك السلبي بملف السد ،من أجل تحقيق النجاح بإنجاز عملية جزر و إنحسار مضاد لعملية المد الدبلوماسى للدولة المصرية،والذى دعمته الخرطوم بتصعيد سقف مطالبها لحل الأزمة،مما رسم خطوط عريضة نحو وجود حقوق سودانية جدية يجب أن تراعيها القوى الفاعلة الدولية عند الجلوس على مائدة التفاوض أو جر أديس أبابا بالقوة إلى مسار إجبارى للحل،فالدبلوماسية الناعمة التى تنتهجها دولتى المصب في تلك الأونة أدت إلى حصار السد وفقا لمقتضيات الأمن القومى المائى ،مما طغى على زيف الطموح الإثيوبى التنموى التى تتمسك به الحكومة الإثيوبية، وهذا بدوره جعل أديس أبابا تسير باتجاه لملمة حظوظها الدولية والإقليمية عبر الشائعات والمماطلات التى تطلقها ضد القاهرة والخرطوم،فى وقت لاقت مرجعية القاهرة لحل الأزمة مقبولية كبيرة جراء بنيتها التحتية القائمة على قواعد العدالة التوزيعية لحصص المياه فى وجود مظلة قانونية تحميها، وسط قبول أحادى من قبل أبي أحمد بشأن الاقتصار على إجراءات استرشادية فقط لتشغيل وإدارة السد.
حيث أدلى الرئيس السيسى بكلمة أمام جلسة انعقاد القمة الأفريقية بالدورة ال٣٤ للإتحاد الأفريقى بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا عبر الفيديو كونفرانس، قائلا أن مصر انخرطت بحسن نواياها بملف السد،مضيفا أن القاهرة تأمل فى التوصل إلى حل يحقق مصالح الدول الثلاث،مؤكدا أن ذلك لن يتأتى الإ بوجود إرادة سياسية لدى كل الأطراف، ويضيف الرئيس السيسى أنه يثق برئاسة الكونغو للإتحاد الأفريقى لقيادة دفة الأزمة إلى بر الأمان، بالتوصل إلى حل قانونى لإدارة وتشغيل السد قبل عملية الملء الثانى.
وعلى جانب ثانى أعلن وزير الرى السودانى ياسر عباس عقب اجتماع بمكتبه بمفوض الإتحاد الأوروبى وزير خارجية فنلندا بيكا هافيستو،أن السودان لا تقف ضد حقوق إثيوبيا فى التنمية بما لا يخل بمصالح السودان عبر التأثير على سد الروصيرص ،وشرح عباس المخاطر التى قد يتعرض لها السودان حال حدوث الملء الثانى دون اتفاق ملزم، محثا على ضرورة التوصل إلى حل يحمى سكان النيل الأزرق الذى يصل عددهم إلى النصف من إجمالى الشعب السودانى،وعرض عباس مقترحا بضرورة توسيع مظلة الوساطة لتشمل الأمم المتحدة ،الجدير بالذكر أن مفوض الإتحاد الأوروبى بيكا هافيستو سوف يقوم بزيارة إلى أديس أبابا خلال الأيام القادمة.
ومن هذا المنطلق يمكننا التأكيد على تولى الرئيس السيسي بشكل مباشر لملف السد،مما يوحى بخلق فرصة جديدة لضرورة مد يد العون للباحثين بشكل جدى عن حلول جذرية لقضية السد من قبل المجتمع الدولى ،بعيدا عن التسويف الذى كان يقود جولات المفاوضات دون جدوى تذكر سوى توسيع رقعة التعثر الذى مني به الحوار بين البلدان الثلاث جراء السياسة الإثيوبية ،مما وضع مبدأ التفاوض فى مهب الريح ،والذى قد يقود ذلك الملف إلى ذروة التأزم و الصراع الذى قد ينش،ومن ثم يعد ظهور الرئيس السيسى بصفته وشخصه رسالة تستهدف انتزاع الدور الريادى الذى تتشبث به إثيوبيا باعتبارها دولة المنبع،فذهاب قيادة تلك الأزمة إلى الدولة المصرية يسعى إلى العبور الأمن للأزمة بما يحقق مصالح الأطراف الثلاث ،وفقا لقاعدة النفوذ الذى تحظى به الدولة المصرية على الصعيد الدولى والإقليمى والذى يمكنها من إدارة زمام الأمور باتجاه قطع الطريق على الدخلاء الذين يصطادون بالماء العكر.
فحسن النوايا الذى يطالب به الرئيس السيسى يعد بمثابة ثورة تصحيح لمسار حل الأزمة وسط عراقيل جامدة تبحث عن قنص فرص إنهاء اشكاليات تلك القضية،حتى لا تصبح الفوضى هى نظرية الأكثر شيوعا بمنطقة حوض النيل ،مما تستدعى خارطة طريق جديد قد تغير معالم تاريخية الحقوق السيادية لدولتى المصب،والتى سوف تأتى عبر الزج الإثيوبى بتدويل الأزمة وليس تدويل حلولها كما تفعل الخرطوم بالوقت الراهن ،فانفتاح الخرطوم على أوروبا من خلال أطروحات الحل والعرض المفصل لتلك القضية وتداعياتها يرمى إلى صفع الأكاذيب الإثيوبية التى تتشبث بوجود نوايا حسنة لديها للحل ومرونة كبيرة أكثر من أى طرف آخر!!، كما جاء على لسان وزير الطاقة الإثيوبى شيلسى بيكيلى خلال الأيام الماضية،فيشبه ذلك إلى حد بعيد لعبة الكراسى الموسيقية ،فكلما تتخذ أزمة السد منعطفا جديدا يصبح هناك مسارات جديدة بحاجة إلى سلوكها سريعا قبل الطرف الاخر،فعندما كانت تتموضع مصر برؤيتها للحل أمام القمة الأفريقية كانت السودان تحجز مقعدا دوليا لأزمة السد،فيشكل ذلك ضغوطا عكسية ضد الانحراف الإثيوبى الذى يمارسه أبي أحمد تجاه سد النهضة.
المصدر/
https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1413499-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%AD%D8%B0%D8%B1-%D8%A7%D9%95%D8%AB%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D8%AE%D8%B7%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A
https://www.shorouknews.com/mobile/news/view.aspx?cdate=07022021&id=8ce404c1-a253-48eb-bdf9-d936a6241062
هل تعصفان القاهرة والخرطوم بطموح أبي أحمد الذى يكتنف السد قبل عملية الملء الثانى ؟ أم تستطيع إثيوبيا تجسيد وتشريع طموحها على حساب الأمن القومى المائى لدولتى المصب؟
نرحب بتعليقات حضراتكم فشاركونا آرائكم.
Content created and supplied by: Bikstar (via Opera News )
تعليقات
RamzyAlcicy
02-08 17:05:18يوم بعد يوم تؤكد لنا اثيوبيا ان مصر انها تريد مصر تنسف سد النهضة لغرض ما في نفس يعقوب والرئيس السيسي رجل حكيم يتبع سياسة النفس الطويل ... وهذا النوع من الرجال ان نفذ صبره سيفعل مالم لم يكن في الحسابان.... وهنا اثيوبيا لن تلوم الا ابي خرة احمد وستحاسبه حساب عسير لانه جاهل دين ودنيا