كتب : معاوية الذهبي .
لم يكن لأي جندي إسرائيلي أن يتمنى رؤية شعار رأس النمر في أية معركة، لأنه ببساطة قد يكون الشيء الأخير الذي يراه في حياته، فهذا الشعار كان يعني بداية حكاية الرعب .
مع وصول المجموعة 39 قتال المصرية، وعلى رأسها إبراهيم الرفاعي، الذي تحول مع مجموعته في حربي الاستنزاف وأكتوبر عام 1973، إلى أساطير وحكايات يرويها الجنود الإسرائيليون الناجون، عن أهوال تبدأ بفتح أبواب جهنم قصفاً ودكاً مدفعيا واشتباكاً، فيكون خير نهايتها الأسر أو الموت على يد رجال الرفاعي، الذي تحول لأسطورة عسكرية من أساطير الجيش المصري .
إبراهيم الرفاعي .
شاءت الأقدار لإبراهيم، المولود في السابع والعشرين من يونيو عام 1931 يمركز بلقاس بمحافظة الدقلية، الالتحاق بالكلية الحربية عام 1951، والتخرج منها عام 1954، قبل أن ينضم إلى سلاح المُشاة ويغدو ضمن أول فرقة قوات صاعقة مصرية، وما إن بدأت حرب اليمن حتى أظهر الرفاعي قدرات قيادية كبيرة أدت لنيله ترقية استثنائية عام 1965، جراء تنفيذه عمليات عسكرية غاية في التعقيد .
وقد جاء في التقارير التي أعقبت الحرب أن الرفاعي ضابط مقاتل من طراز رفيع ، فقد كان جريء وشجاع ويُعتمد عليهن يميل إلى التشبث برأيه، محارب ينتظره مستقبل باهر، أسهم الرفاعي بقيت بارتفاع في الجيش المصري، خاصة بعد تنفيذه على رأس مجموعة من زملائه بالصاعقة، عقب هزيمة عام 1967، عمليات خلف خطوط إسرائيل عبر التسل إلى عمق سيناء وزرع الألغام في خطوط إمدادات الجيش الإسرائيلي وتفجير منشآته، مع قتل أو أسر كل جندي يتم اعتراضه خلال العملية، ما حوَّل حياة الجندي الإسرائيلي في سيناء إلى كابوس مفزع .
المجموعة 39 قتال .
ومع حلول عام 1969 أعلن الرفاعي عن تشكيل المجموعة 39 قتال صاعقة، واختار شعار رأس النمر كرمز للمجموعة، التي كانت أولى عملياتها الثأر لمقتل رئيس أركان الجيش المصري آنذاك، الفريق عبد المنعم رياض، بعد أن قُتل وهو يتفقد القوات المصرية على الجبهة إثر قصف إسرائيلي .
وأطلق على عملية الانتقام اسم "لسان التمساح" أو "عملية المعدية رقم 6"، حيث بدأ الرفاعي بوضع رسم تخطيطي للنقطة الإسرائيلية التي أصابت الفريق رياض، بعد استطلاعها من فوق مبنى إرشاد السفن بالإسماعيلية، قبل أن يختار نخبة من الضباط والجنود لتدريبهم في منطقة صحراوية، في محاكاة لعملية اقتحام عسكري غاية في التعقيد .
وفي السابع عشر من إبريل تحرك العميد الرفاعي بمجموعته من الإسماعيلية، ومع حلول الظلام تحت تغطية من نيران المدفعية المصرية، تسللت مجموعته عبر قناة السويس إلى النقطة المحددة، ليتم تدميرها بالكامل وقتل أربعة وأربعين إسرائيلياً كانوا داخلها، مع نسف مخازن الذخيرة والمؤن وتدمير مدرعتين، قبل أن يتم إنزال العلم الإسرائيلي عنها ورفع العلم المصري، لتنتشر الاخبار عن العملية المصرية كما النار في الهشيم، ويروي مَن نجا من جنود إسرائيل أهوالا حلَّت بهم بعد أن رأوا رأس النمر .
رصيف كرنتينة وطريق الزعفرانة .
وما هي بضعة أشهر حتى أطل رأس النمر على رأس المجموعة 39 قتال مجددا، في عملية نسف رصيف كرنتينة، أهم النقاط الحيوية لإسرائيل أثناء احتلالها سيناء، حيث كانت تتجمع فيها المنشآت العسكرية الخفيفة كما تقدم الخدمات للسفن الكبيرة في عمق خلية السويس، ما دفع القيادة المصرية لتكليف الرفاعي بالعملية .
في التاسع والعشرين من أغسطس عام 1969 تحركت المجموعة 39 قتال باتجاه الهدف، ليتم تخزين الرصيف بالمفرقعات مع ضبطها على النفجار بعد ساعة، فيما لغمت مجموعة أخرى المدقة الواصلة إلى الرصيف بعشرة ألغام مضادة للدبابات، وفي الوقت المحدد انفجر الرصيف لترتفع ألسنة النار من المكان .
وفي عملية طريق الزعفرانة بتاريخ التاسع من سبتمبر عام 1969، تمكنت الفرقة 39 قتال بقيادة الرفاعي من طرد جنود إسرائيل وفتح الطريق بوقت قياسي، بعد سيطرة الإسرائيليين عليه والاستيلاء على جهاز الرادار المصري الخاص بالمنطقة .
رأس المعلب ومطار الطور .
لا يزال المصريون يتنغنون بعملية طريق رأس المعلب مطلع أكتوبر عام 1969، عندما نسف الرفاعي على رأس مجموعته طريق اسفلتي في منطقة رأس المعلب بجنوب سيناء بعد تلغيمه بالعبوات الناسفة مع رد جانب الطريق بخرطوم، بحيث إذا مرت أية مركبة تنفجر الألغام بها على الفور مع نسف الطريق ما أسفر عن تدمير ثلاث عربات نصف جنزير إسرائيلية ومقتل وإصابة عدد كبير من الجنود الإسرائيلين .
وفي ديسمبر من العام ذاته تمكن الرفاعي ومجموعته من قصف مطار الطور بصواريخ 130 مليمتر، مع تلغيم المدقات في المنطقة المحيطة به، لتؤدي العملية إلى تدمير أربعة لواري ومخزن للذخيرة ومحطة لاسلكي، عمليات المجموعة بإمرة الرفاعي تضاعفت خلال حرب أكتوبر عام 1973 .
حرب أكتوبر .
بعد سلسلة نجاحات بتنفيذ عمليات بالعمق الإسرائيلي استدعى الرئيس المصري آنذاك أنور السادات الرفاعي ليكلفه بعملية شديدة الصعوبة، حيث كان مطلوبا من مجموعة الرفاعي تدمير معبر إسرائيلي تم استغلاله من قبل أرييل شارون لاختراق الجبهة المصرية غرب القناة، وعند وصول الرفاعي على رأس رجاله لمنطقة الجيش الثاني الميداني علم باستحالة نسف المعبر عن طريق الضفادع البشرية .
قرر الرفاعي الانتقال بمجموعته إلى تقاطع سرابيوم عند قرية نفيشة بهدف منع تقدم القوات الإسرائيلية لاحتلال الإسماعيلية، وبالفعل نجح الرفاعي بتوزيع قواته لتتمركز في أماكنها بسرعة، ليتم مباغتة الإسرائيليين باشتباك مفاجىء كلفهم الكثير من الدبابات وبالتالي الانسحاب، إلا أن الضريبة هذه المرة كانت كبيرة، حيث سقط الرفاعي بين رفاقه غارقا في دمائه ليرتقي شهيدا في ظهر الجمعة الرابعة من رمضان عام 1993ه، بعدما أجبر أرييل شارون، الذي كان قائدا للقوات الإسرائيلية على الفرار من المعركة .
المصادر :
وكالة ستيب للأخبار _ Step News Agency .
https://www.youtube.com/watch?v=Y7B9J8hOUjk&list=TLPQMzAwMzIwMjEe8zqUBOo04w&index=2
https://www.elwatannews.com/news/details/2298015
https://www.albawabhnews.com/3768354
https://gate.ahram.org.eg/News/2025041.aspx
Content created and supplied by: Moawiaeldahaby (via Opera News )
تعليقات