لا يختار الإنسان مصيره في بعض الأحيان، قد لا يستطيع الإنسان بل قد لا يمتلك أصلا ميزة "الاختيار" التي ميزه بها الخالق عز وجل، بسبب آفة عقلية اصابته، سواء كان قد ولد بها، او اعترضته في أيامه.
وبناء علي ذلك، يكون هذا الشخص في حاجة إلي من يرعاه، وإلي من "يختار" له ما يقيم مصالحه، ويحفظ أمواله له وينميها، ولذا انتبه المشرع المصري لهذه النقطة فنظم "القوامة" سبيلا لذلك.
التنظيم القانوني للحجر والقوامة:
نظم الفصل الأول من الباب الثاني من قانون أحكام الولاية علي المال المصري أحكام الحجر... ونوضح أهم ما حدده القانون في هذا الملف:
السبب:
وضح القانون في المادة ٦٥ منه أن حكم الحجر يكون بسبب اصابة المحجور عليه بالجنون أو العتة أو السفة، ويتم هذا بحكم قضائي، فلا يجوز لأي جهة أخرى غير القضاء تقرير هذه الحالة لأي شخص كان.
تعيين القيم:
وبذات حكم المحكمة التي تقرر أن الشخص اصبح محجورا عليه، يجب أن تقيم في قرارها "قيّماً" يدير أموال المحجور عليه، وهذه نقطة هامة جدا إذ أن القيم يدير أموال المحجور عليه ولا يمتلكها، ويحكمه نصوص قانون أحكام الولاية علي المال التي تلزمه بالكثير من الضوابط لضمان حسن إدارة القيم لأموال المحجور عليه وعدم قيامه بتبديدها.
يتولي القيم كذلك حسابات المحجور عليه البنكية وفقا لشروط القانون.
حق القوامة:
وفقا للمادة ٦٨ من ذات القانون، فلقد حدد المشرع ترتيبا لمن له الأولوية في حق تولى القوامة، وهي بالترتيب التالي:
١)الابن البالغ.
٢)الاب.
٣)الجد.
٤)لمن تختاره المحكمة.
التنازع علي القوامة:
يحدث أحيانا أن يتنازع أقارب المحجور عليه حول من سيتولي منهم القوامة.
وهذا التعيين للقيم يدخل في سلطة قاضي الموضوع بالمحكمة، ولا رقابة لمحكمة النقض علي اختياره للقيم، طالما قد اختاره بأسباب سائغة.
فعلي سبيل المثال، قد يكون المحجور عليه قد ورث عن والده تجارة مثلا، أو كان تاجرا قبل أن يصاب بما يوجب فرض القوامة عليه، "وهذا حدث فعلا في الطعن رقم ١٧ لسنة ٣٨ القضائية "أحوال شخصية"، إذ كان المحجور عليه يملك محلات تتاجر بالأجهزة والأدوات المنزلية.
وفي محكمة الاستئناف قرر القاضي شرطا فيمن سيعينه قيما عليه وهو أن يكون "ذو خبرة في أعمال التجارة". حتى يستطيع أن يكون القيم كفؤاً ذا قدرة على إدارة شئون المحجور عليه، والغت محكمة الاستئناف قرار محكمة أول درجة التي كانت قد اعطت القوامة لزوجة المحجور عليه لأنها لا تملك الخبرة التي تؤهلها للإشراف علي العمل التجاري الذي يملكه زوجها، والعقارات التي هي من ممتلكاته. واعطت محكمة الاستئناف القوامة لخال المحجور عليه.
محل أدوات منزلية
وقد رفضت محكمة النقض طعن الزوجة علي هذا الحكم واعتبرت قرار محكمة الاستئناف صحيحا مؤسسا علي صحيح القانون ملبيا لمصلحة المحجور عليه.
شروط فيمن تصلح قوامته:
في المادة ٢٧ من قانون أحكام الولاية علي المال المصري، حدد المشرع شروطا فيمن تقيمه المحكمة قيما، فإذا تخلف بحقه شرط أو أكثر منها، فإن المحكمة تختار من هو غيره، وهذه هي الشروط التي جعلها بين شرط وجوبي واحد، وعدة شروط لا يجوز أن تنطبق علي من يتم تعيينه.
أ-فالشرط الذي أوجبه المشرع أن عدلاً كفؤاً ذا أهلية كاملة.
ب-أما الشروط التي تنفي جواز تعيين صاحبها فهي:
ولا يجوز بوجه خاص أن يُعيّن وصياً:
١)المحكوم عليه في جريمة من الجرائم المخلّة بالآداب أو الماسة بالشرف أو النزاهة ومع ذلك إذا انقضت على تنفيذ العقوبة مدة تزيد على خمس سنوات جاز عند الضرورة التجاوز عن هذا الشرط، كما يجوز التنازل عنه اذا كانت المحكمة ستختار الأبن أو الأب أو الجد وليس غيرهم.
٢)من حُكم عليه لجريمة كانت تقتضي قانوناً سلب ولايته على نفس المحجور عليه لو أنه كان في ولايته.
٣) من كان مشهوراً بسوء السيرة أو من لم يكن له وسيلة مشروعة للتعيّش.
٤) المحكوم بإفلاسه إلى أن يُحكم بردّ اعتباره. ويستثني هذا الشرط إن كانت المحكمة ستختار الأبن أو الأب أو الجد.
٥) من سبق أن سُلبت ولايته أو عُزل من الوصاية.
٦) من قرر الأب قبل وفاته حرمانه من التعيين متى بُني هذا الحرمان على أسباب قوية ترى المحكمة بعد تحقيقها أنها تبرر ذلك ويثبت الحرمان بورقة رسمية أو عرفية مصدّق على إمضاء الأب فيها أو مكتوبة بخطّه وموقعة بإمضائه.
٧) من كان بينه هو أو أحد أصوله أو فروعه أو زوجه وبين القاصر نزاع قضائي أو من كان بينه وبين القاصر أو عائلته عداوة إذا كان يخشى من ذلك كله على مصلحة القاصر. ويجب على كل حال أن يكون الوصي من طائفة القاصر فإن لم يكن فمن أهل مذهبه وإلا فمن أهل دينه.
رفع الحجر:
وكما أن الحجر لا يجوز تقريره إلا بحكم محكمة، فإنه اذا ما عاد للشخص رشده وعقله وقدرته المبصرة علي الإختيار، يحق بطلب يقدمه للمحكمة أن ترفع عنه حالة "الحجر"، ويعود حرا في التصرف في أمواله وممتلكاته.
ومن اشهر هذه القضايا قضية الأديبة "مي زيادة" التي قام محاميها بالاتفاق مع الجامعة الأمريكية في القاهرة علي أن تقوم بالقاء ندوة فيها، وكان مجتمع الكتاب والمثقفين قد نساها تقريبا لطول انقطاعها عن الكتابة، وافقت الجامعة، وقامت الأديبة الألمعية باختيار موضوع من اعقد موضوعات فلسفة نيتشة، وصدرت الصحف في اليوم التالي تتحدث عن الندوة وتألق مي زيادة بها، وقد جاء حكم المحكمة برفض القوامة عليها وورد به قول المحكمة: ((انها اعقل من اعقل العقلاء)).
---المصادر:
*شبكة قوانين الشرق- قانون أحكام الولاية علي المال المصري:
https://site.eastlaws.com/GeneralSearch/Home/ArticlesTDetails?MasterID=809
*محامي مصر- قانون أحكام الولاية علي المال المصري:
https://lawyeregypt.net/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9/%D8%A3%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84/
*بوابة مصر للقانون والقضاء، الطعن رقم ١٧ لسنة ٣٨ القضائية "أحوال شخصية":
https://laweg.net/Default.aspx?action=LawEg&Type=16&JID=76245
*رجائي عطية، رسالة المحاماة ، دار الشروق، الطبعة الأولي، القاهرة.
Content created and supplied by: محمدعلام14 (via Opera News )
تعليقات