يرتبط الإنسان بوالديه ارتباطًا وثيقًا، وذلك بشكل عام، فما بالك بطفل، من المؤكد أن أمه تكون بمثابة كل شيء بالنسبة له، وبما أن الفراق صعب على الكبار، فما بالك بفرق أم لابنها الصغير، كيف سيكون الأمر؟ وكيف سيتأثر بهذا الأمر، من المؤكد أن الأمر صعب على نفسيته وبشكل كبير، وهذا ما سنراه في قصة اليوم.
تبدأ القصة في غرفة ضيقة بها دورة مياه ، والصبي محرم ووالدته ناهد تسكن في تلك الغرفة ، وكان هناك صوت قادم من داخل تلك الغرفة كانت الأم في تلك اللحظات تنتهك ابنها ،" لا تقل هذا الكلام عن والدك مرة أخرى يا محرم ، فهو والدك وسيبقى أبيك إلى الأبد، أجاب محرم البالغ من العمر 5 سنوات: لو كان والدي فلماذا تركنا نعيش في تلك الغرفة الضيقة المقززة؟! ، وهو يعيش في منزل كبير مع زوجته" ،قالت ناهد: " أنت على حق ، لكن والدك يبقى مع كل شيء فيه ،عليك أن تكون رجلاً يفخر به والده ، ويأسف على يوم تركك في الشارع" هز الصبي الصغير رأسه متفقًا مع كلمات والدته.
تركهم والد محرم في ظلام الشوارع وبرودة الطقس القاسي ، وذلك لأنه رجل أناني لا يحب إلا نفسه ،بعد أن مرضت هجرها ناهد لأنه أصبح بلا فائدة له ، فقالت له ناهد " حرام عليك ، لدينا طفل وعليه أن يعيش بسلام ، قال له هذا الوحش على هيئة إنسان وهو يضحك: لا تزعجني بمثل هذا الكلام ، خذ ابنك معك وأغلق الباب خلفك" ،لم تصدق ناهد أن الأيام والعشرة الجميلة تجاهلها بهذه السهولة.
مرت أسابيع قليلة حتى تزوج والد محرم للمرة الثانية وترك محرم ووالدته لأيام ليفعل بهما ما تشاء ، ثم بحثت ناهد عن مكان تعيش فيه هي وابنه ، وبالفعل وجدت تلك الغرفة الصغيرة بسعر معقول ،بعد ذلك وجدت وظيفة خادمة في منزل رغم إجهادها وألمها ، وكبر محرم وذهب إلى المدرسة،
لكن لم تمر أيام كثيرة حتى ذاد المرض على ناهد وأصبحت عاجزه عن العمل ، لذلك أصبحت على السرير ثم غادر المدرسة محرم وذهب إلى ورشة الدهان ليعمل بها لمساعدة والدته.
في إحدى المرات عاد محرم البالغ من العمر 10 سنوات من العمل ، ووجد والدته على السرير متعبة جدًا ، فطلبت منه بصوت ضعيف أن يقترب منها ، وعندما اقترب منها وامسكت يديه وقالت له: بعد أن أموت ، عليك أن تذهب إلى والدك ، وتحتفظ بما في هذه الحقيبة ،هذا آخر شيء يربطك بوالدك ، سمع محرم أمه ، كان المشهد مؤثرًا للغاية ، وبعد لحظات صمتت الأم ولم تستجب لمحرم ، فذهب الصبي على الفور إلى الجيران لطلب مساعدتهم لأنه لا يعرف ماذا يفعل ؟.
وبعد أن حضروا الجيران علموا بوفاة ناهد ، عندما سمع محرم هذه الكلمات ، اغلقت الحياة في وجهه ولم يعرف إلى أين يتجه وإلى من يتجه ، خاصة أنه يكره والده أكثر من غيره في الحياة،عاش حياة صعبة للغاية بعد وفاة والدته ، لكن جيرانه كانوا يذهبون إليه كل يوم ويحضرون له الطعام والشراب وخلافة ، ولكن بالرغم من كل هذا الفراغ والخوف سيطر عليه ، لذلك لم يجد ملاذا أفضل من قبر أمه.
كان محرم يذهب إلى والدته كل يوم ويبقى بجانبها لساعات يخبرها بكل ما كان في يومه وفي عمله ، وأنه أصبح يحصل على الكثير من المال مقابل اجتهاده ، ثم لما سمح الغروب ، عاد إلى الغرفة ليبقى وحيدًا حتى تشرق الشمس وعاد إلى عمله وهكذا مرت الأيام ، ذات مرة فاض كيل محرم ،وظل يبكي بجانب قبر أمه ، ويدعو لها ، ويشكو من كل شيء في قلبه ، حتى نام من شدة التعب طوال النهار والبكاء ، فنام بجوار قبر أمه حتى منتصف الليل.
في منتصف الليل سمع محرم صوت يخرج من القبر ، وكان محرم يقين في تلك اللحظات أن هذا صوت أمه ، فقالت له: " استيقظت محرم ، لقد حان الليل ، عليك أن الذهب إلى والدك ، فهو أملك الوحيد " فسمع محرم كلام والدته وقال لها أنت تعلمين أنني أكرهه لأنه تركك بمفردك بعد مرضك ، لن أذهب إليه أبدا فقالت له: إذا كنت تحبني فلا تبكي مرة أخرى وتذهب إلى والدك ،سمع محرم الخطاب وهز رأسه واستمع إلى هذا الصوت ولم يعرف هل كان يحلم أم أنه حقيقي ، لكن شيئًا واحدًا قرر أنه سيستمع لهذا الصوت ويفعل ما يقول ، وهنا كانت نهاية قصتنا.
Content created and supplied by: حبقوق (via Opera News )
تعليقات