تنشأ خلافات عديده في العلاقات بين البشر و أحددها هنا بالعلاقه العاطفيه بين الرجل و المرأه نتيجة غياب و إنشغال كل طرف ربما في حياة العمل , عدم مشاركة كل طرف لهوايات الآخر , إذاَ حضورهم الفعلي و الجسدي أمر حتمي في كثير من المواقف .
كحقيقة يؤكدها الأطباء النفسيين و تتداول أثناء الحكايات عن الأطفال بوجود "صديق وهمي" يتخيله الطفل في صغره و يلازمه حتي سن معين نجدها هنا في فيلم(Her) متشابهه في تكوين الصديق الوهمي أو الإفتراضي و مختلفه كون الحالة الأولي طفل بينما (ثيودور) الذي يؤديه (خواكين فينيكس) بالغاً عاقل ساقته مشاعره إلي الإنغماس في هذه الحاله صبعة الإستمراريه فهو كاتب رسائل يقوم بإنشاء علاقة بينه و بين ( سامنثا) التي تؤديها (سكارليت جوهانسون) و هي جهاز تشغيل صناعي مبرمج في البدايه إنطلاقا من وحدته و رغبته في صديق يمكنه أن يقضي علي وحدته هذه معه نتيجة ما عرفناه بعد تتابع الأحداث من إنفصاله عن زوجته (كاثرين) التي تؤديها (روني مارا) .
تطورت هذه العلاقه الي ما يشبه بالعلاقه العاطفيه الفعليه بين رجل و إمرأه فنري مشهد يجمع بكادر مظلم بينهم بعلاقه حميميه -مبرره بأن هذه البرمجه تأخذ من خبرات و مشاعر مبرمجيها- و بعد تتابع الأحداث يدرك بنسبه ما (ثيودور) عند نقطة الذروه أثناء حديثه الذي أخذ منحني الشجار مع طليقته عندما أطلعها علي هذه العلاقه معللةَ ذلك ب أنه غير قادر علي إقامة علاقه مع أٌناس فعليين و عوضاَ عنهم أختار شخص إفتراضي و علي إثرها أصاب الفتور العلاقه بين (ثيودور) و (سامنثا) , ثم يدرك بتتابع منفصل حقيقة مفادها أن الحضور الجسدي ل (سامنثا) أمر حتمي في مشهد عدم قدرته إقامة علاقه حميميه مع جسد بديل لها ثم عدم قدرته الحصول علي مشاعرها خاصة له وحده دونما باقي الأصدقاء التي تتحدث معهم غيره .
يحيلنا هذا الي حبكة الفيلم التي تدور حول أن الإنسان بحاجه دائما الي ملئ الفراغ العاطفي الذي يعتريه فيذهب لأيما يشعره بالترحاب و الإحتضان و السكينه بجانب حبكات أخري تتشابك مع الحبكه الأساسيه من تأليف و إخراج (سبايك جونز) و منها سيطرة التكنولوجيا و التطور العلمي -الذي كان سببا في نشأة و برمجة هذا النظام – علي شريحة تعد هي الأكبر من البشر يستخدمونها فنحن نجد في أغلب كادرات الفيلم أن الجميع مشغول بإجهزه محموله في أيديهم , كادرات عدة يظهر بها (ثيودور) محدثا (سامنثا) في الطريق و جميع من حوله و كأنهم خارج مجال الكادر و كأنه منعزل عنهم و هم منعزلين عنه كلاَ منغمس في حياة التكنولوجيا .
و هناك عنصر هام لا يمكن إغفاله علي مستوي رسم شخصية (ثيودور) إذ أن هناك قصور نسبي في بروز عنصر الوحده و العثره الحقيقيه المصاب بها هذا الشخص الذي يصدر لنا بأنه وحيد ليس قادر علي التكيف مع من حوله إلا أننا نراه يمتلك صديقه و هي (إيمي) التي تؤديها (إيمي آدم) و علاقته جيده بزميل عمله , يعزز ذلك أن تشابه العثرة و هي إنفصال (إيمي) عن زوجها ذهبت بها هي الأخري الي وجود صديقه من نفس الشركه المصنعه لجهاز تشغيل (سامنثا) , أما عن المشهد المدفع كي يعطي إنطلباع بعدم تكيفه مع الواقع بمواعدته لفتاة قامت بدورها (اوليفيا وايلد) كما قلت فهو مدفع لأنه ليس من المنطق في شئ أن تنشأ علاقه جديه في أول مقابله بين أثنين كدليلاَ علي عدم تكيفه .
أما علي مستوي الحوار فكان حوارا يصيب المعني المراد طرحه لا سيما في حديث (سامنثا) عن كونها جهاز و عن تصورها و مقارنتها لنفسها و للأجساد البشريه قبيل نهاية الفيلم و في البدايه حول تصور هيئتها البشريه , و أيضاَ علي مدار الفيلم الحوار كان متدافع و ملئ بالمعاني .
إذاَ الفيلم ليس كما يتصور البعض أنه عن إنعدام قيمة الصداقه و الصديق فيقابله الصديق الإفتراضي دليلاَ بوجود (إيمي) فهم يتشاركا أوقاتهم معاَ , الحقيقه أنه إجمالا أصاب طرح حبكته بشكل جعل منه يحصد نحو 47 مليون دولار عالميا بطابعه و تصنيفه الخيالي و الرومانسي الذي حفل بكم من المشاعرالمتضاربه و المعقده التي يصعب علي الإنسان تحمل تفسيرها و الوقوف بشكل منطقي عقلاني عند كل شعور علي حدي أو مجمع .
Content created and supplied by: BassantElbghdady (via Opera News )
تعليقات