الأم هي الجدار الذي يستند عليه كل شاب ورجل وعجوز وطفل، بل هي الشجرة الراسخة التي تستظل بها العائلة كلها، وعندما يأتي موعد رحيلها إلي ربها ينكشف كل ماهو تحتها ويشعرون بتأثير غيابها.
هذا لو كان حنانها موزعا علي عائلة كاملة، مابالك وكل عائلتها هي ابنها الوحيد فقط؟ الذي كانت تكاد تحمله وتمشي به من شدة حبها له، وهو بالمثل كان لايجد للحياة طعم ولا معني بدونها، ولم يتصور يوما أن يفقدها.
لذلك وعندما استيقظ في أحد الأيام ولم يسمع لها صوتا في البيت علي غير العادة، لم يتسلل إلي قلبها الشك لحظة واحدة أنها ماتت، لأنها وببساطة لم يعمل حساب ذلك اليوم.
ولما وصل غرفتها وفجع بموتها، أخذته الصدمة في دوامة هزت كل كيانه، شعر بأنه قطع انقطع الحبل الذي يربطه بالحياة، لم يعرف كل دفنها وكل أخذ عزائها، وكيف عاد للشقة ليعيش بدونها.
لم يحتمل، لأول مرة يشعر بحجم الكارثة، المكان بدونها شديد الضيق وهواءه وكأنه به السم الذي يلهب الأعصاب فتتهاوي وتصيب العقل فيتوقف عن العمل. لذلك قرر أن يقضي هذه الليلة بجوار قبرها يدعو لها ويشكي همه ويقرأ القرآن.
لم يكن "علي" صاحب ال 15 عاما يعرف أنه ذاهب ليشاهد أكبر كارثة يمكن أن يتخيلها، أخذ مصحفه وذهب يهمس يآيات من القرآن ويمشي خائفا يترقب، منذ احتوته عتمة المقابر وبات قلبه يرجف أحيانا خوفا وأخري من رهبة المكان.
لكن القادم كان أصعب، فبينما الكل نيام ولا يسمع أحد حتي دبيب النمل، كان هو قد اقترب من قبر أمه، وهنا زلزل قلبه وكاد يسقط منه أرضا، حين سمع صوت ضحك بقهقة يأتي من ناحية مقبرة أمه.
نظر خلفه في حاول أن يستجمع قواه، عاد صوت القهقهة يدوي، فكر في الهرب، لكن الظلام خلفة تشيب له الرأس، ماذا أفعل سأل نفسه وأسنانه تصتك.
وقبل أن يجب كان الأمر اتضح خرج رجل من مقبرة أمه، يمسك في يده مصباح صغير يعمل بالشحن. اختبأ الولد المرعوب ليسمع هذا الحوار.
- قال الرجل: زي ماقولتلك أنا التلتين وأنت الثلث، أو انزل انت وخد التلتين. وهنا عرف الولد أن هناك شخص أخر داخل المقبرة.. ليسمع الرد
- أنا معملتش كده أبدا وخايف.. فيرد الرجل
- خلاص أنا هنزل وهاخد الأربع ضروس وانت خد السنتين
ارتجف قلب علي بشدة، الحديث يدور حول الأسنان والضروس الذهبية التي هي في لثة أمه المتوفاه، يالهم من وحوش، هل سيجردون سيدة ميتة حتي من أسنانها الذهبية؟
ماذا أفعل؟ سأل نفسه مرة أخري.. لو حاول الظهور لهم ربما يقتلوه، فانسحب بهدوء، وبمجر أن وصل للطريق الرئيسي قام بإخبار الشرطة، التي جاءت وكشفت الرجل قبل أن يفعل فعلته الشنعاء.
وهنا أحس "علي" أن ربما روح والدته هي من دعته للمجئ حتي يكتشف هذه الجريمة.
Content created and supplied by: Almasry90 (via Opera News )
تعليقات