الفقر وضيق الحال لايمكن أن يغير الفطرة السليمة، ولا يقوي علي تلويث القلوب النقية الطاهرة، وهو ماحدث مع السيدة "نعيمة" بطلة القصة.
بعد أن كانت تعيش في كنف رجل يحبها ويعاملها معاملة حسنة ويخرج كل يوم ليكد ويشقي ويعود في أخر اليوم لها بالرزق المقسوم، وأكرمهما الله بطفل جميل؛ إذا بالحياة تمنحها وجهها الأخر، ويعود لها زوجها في أحد الأيام قبل انتهاء موعد عمله، بعد أن سقط مغشي عليه فنصحه صاحب العمل بالعودة للمنزل.
ومن يومها وبدأت تظهر عليه علامات مرض غريب أفقده وزنه وجعله لايقوي علي مجرد المشي، وبسبب الظروف المعيشية الصعبة، لم يستطع إجراء فحوصات، وظل حاله يسوء يوما بعد يوم حتي توفاه الله.
بعد وفاته حزنت السيدة "نعيمة" حزنا شديدا، فقد فقد السند والعائل وشريك الحياة، خاصة بعد أن تركها تواجه شراشة الدنيا بمفردها، وتتحمل مسئولية طفل علي عاتقها.
وبدأت أولي مشاكلها بإيجار الشقة، الذي لم تقوي علي سداده، فعرض عليها صاحب العقار أن تتركها وتسكن في البدروم، ولما لم تجد حلا أخر وافقت مرغمة.
في البدروم ووسط أجواء شتوية صعبة، أصيب طفلها صاحب الثلاث سنوات بحساسية علي الصدر، نتيجة الرطوبة الشديدة، فكانت تذهب إلي السوق تشتري الخضروات لسكان المنطقة مقابل مبلغ زهيد، بالكاد يكفي إيجار البدورم وعلاج الطفل والطعام البسيط.
وفي يوم من الأيام أصيب الطفل بتعب شديد نتيجة الحساسية، وظل يسعل ويبكي من شدة ضيق النفس الذي يشعر به، وللأسف كانت زجاجة الدواء فارغة، ولم يكن مع الأم غير 20 جنيها تخص إحدي السيدات تريد أن تشتري بها خضروات.
لم تفكر الأم واتجهت مسرعة لشراء الدواء لطفلها، وعندما دلفت إلي الصيدلية شاهدت أغرب مشهد في حياتها، أم تبكي بحرقة وتطلب دواء معين لطفلها وتتوسل للشخص الذي يقف في الصيدلية- ولم يكن طبيبا- بأن يأخذ عليها إيصال أمانة مقابل باقي ثمن العلاج لكنه يرفض ويطلب المبلغ كامل.
كانت حالة الأم يرثي لها، جعلت الدموع تهطل من عيني السيدة نعيمة التي حاولت أن تقنع ذلك الرجل بمنحها العلاج وهو يكرر رفضه. وهنا سألت عن المبلغ المتبقي فقال 15 جنيه.
ولما عرفت من الأم الباكية أن الطفل مريض بالسكر وإن لم يأخذ الحقنة في أسرع وقت ربما يموت؛ قررت أن تمنحها المبلغ المطلوب، ولم يتبقي معها غير 5 جنيهات، وعادت دون دواء.
في طريق العودة كانت السيدة نعيمة تبكي حزنا علي حالها وحال كل أم مثلها، تضربها الحيرة ماذا سوف تقول للسيدة التي تنتظر الخضار، ويأكل قلبها القلق علي طفلها الذي يعاني ولم تجلب له الدواء.
لكن المفاجأة حدثت عندما وصلت البدروم ذو الباب المفتوح دائما، فلم تسمع صوت بكاء الكفل، فانهز قلبها خشية أن يكون قد مات، فأسرعت الخطا لتجد الطفل في حالة جيدة ويجلس بجواره شخص لا تعرفه.
وعندما تحدثت معه علمت أنه طبيب وكان في زيارة لمريض في العقار، وأثناء نزوله سمع بكاء الطفل ووجد الباب مفتوحا فدخل وكشف عليه ومنحه العلاج من حقيبته.
والمفاجأة الأكبر أنه عندما سمع قصتها، عرض عليها أن تعمل في عيادته ويوفر لها ولطفلها سكنا جيدا، وافقت الأم علي الفور بعد أن منحها مبلغ سددت منه السيدة صاحبة ال 20 جنيه واستعدت لحياة جديدة.
Content created and supplied by: MohamedSadeek24 (via Opera News )
تعليقات